إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

"الوحدة الوطنية" أو رفضه. ولكن المسألة هي في وضع هذه الموضوعة في اطارها الصحيح، وطنيا وسياسيا.

         ان المحاكمة النقدية لتجربة الحركة الوطنية الفلسطينية والثورات والانتفاضات الشعبية الفلسطينية، تكشف بوضوح عن القوانين الأساسية "الطبقية والأيديولوجية والسياسية" التي قادت الحركة الوطنية إلى الفشل على امتداد هذا القرن، كما تكشف عن القوانين الأساسية التي تقود الحركة الوطنية إلى امكانات حل معضلات التحرر الوطني الفلسطيني وتحرير الوطن، وهنا تتضح مسألة العلاقة الطبيعية السياسية بين كافة الطبقات في مرحلة التحرر الوطني.

         ان تجارب الشعوب المناضلة ضد الاستعمار والأنظمة الرجعية المتحالفة معه كفيلة في توضيح القوانين الطبقية والأيديولوجية والسياسية لعملية التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية في البلدان المتخلفة والصغيرة الضعيفة.وهذه القوانين عامة تنطبق على كل حركات التحرر الوطني في آسية وأفريقية واميركة اللاتينية، ومنها بلادنا الفلسطينية، والعربية. ومع ذلك فتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية وحده، كفيل بالكشف عن هذه القوانين وبمعزل عن الاطلال على قوانين التحرر الوطني في البلدان المتخلفة.

         "بالتحليل الملموس للواقع الملموس" في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، يتضح افلاس وعجز الطبقات الإقطاعية والبورجوازية الكبيرة عن قيادة حركة التحرر الوطني، وحل معضلاتها، هذه الطبقات التي عادت حركة المقاومة بعد هزيمة حزيران (يونيو) لتبعثها من قبورها وتلبسها ثوبا وطنيا ليس ثوبها الحقيقي. وليس التحليل الملموس للوقائع بحاجة إلى تحليل كل تاريخ فلسطين الحديث لتتضح عملية الفرز بين الطبقات الوطنية المناضلة والمقاتلة وبين الطبقات الرجعية المتخاذلة والمتحالفة مع الاستعمار والرجعية للعربية ضد حركة التحرر الوطني والثورات الفلسطينية. فالنماذج البارزة كافية لإعطاء الإجابات الحسية على هذه المسألة. ولعل من أبرز النماذج ثورة سنة 1936، فقد اندلعت الثورة بمبادرة ذاتية منذ عام 35، من عناصر كادحة وفقيرة "ومن ابرزها رجل دين فقير هو الشيخ عز الدين القسام الذي رفضت الإقطاعية الدينية - الحاج أمين الحسيني - تعيينه خطيبا في أحد المساجد بعد ان علمت بلون نزعاته الوطنية"، واستجاب لها الفلاحون والفقراء في الريف وعمال المدن، ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة، رفضت القيادات الإقطاعية الدينية "الحاج أمين الحسيني" والبورجوازية الكبيرة (أحزاب العائلات البورجوازية كحزب الدفاع، حزب الاستقلال ... الخ) الاستجابة لنداء الثورة. ولم تكتف بذلك، بل رفضتها وطالبت باعتماد الوسائل السلمية لانتزاع الحقوق الوطنية "كالمذكرات، والمظاهرات، والمباحثات". وعندما ثبتت الثورة المسلحة أقدامها فرضت بالقوة على الأحزاب الإقطاعية والبورجوازية ان تجتمع وتعلن تأييدها للثورة. وهنا وجدت هذه القيادات الرجعية، المتخاذلة والمتهادنة مع الاستعمار، بحكم كونها ترفض العنف المسلح وجدت نفسها غير قادرة على اجهاض الثورة من الخارج فاعتمدت خط اجهاضها من الداخل، وكان لها ما أرادت. فبعد ثلاث سنوات من الثورة المتصلة، تمكنت هذه القيادات من محاصرة الثورة وإجهاضها بقرار ونداء موجه من الملوك والرؤساء العرب بإنهاء الثورة، وتولى الحاج أمين الحسيني أمر توجيهه الى الثوار وتنفيذه مع وعد بالدخول في مفاوضات مع "الحليفة" بريطانية لتتفهم حق شعب فلسطين في تقرير مصيره ونيل استقلاله.

         وقد وقفت هذه القيادات الإقطاعية والبورجوازية ذاتها على رأس الحركة الوطنية إلى أن أوصلتها إلى نكبة 48، والحركة الوطنية مضروبة وممزقة وغير مؤهلة للقيام بأي دور وطني فعال، فاستسلمت للأنظمة العربية الإقطاعية - البورجوازية المتحالفة مع الاستعمار لتحصد النكبة وقيام إسرائيل.

         وبعد نكبة فلسطين، وعلى امتداد العشرين عاما حتى حزيران (يونيو) 67، أعلنت هذه القيادات انحيازها لمصالحها الطبقية والسياسية وانضوت تحت جناح الأنظمة العربية الرجعية المسؤولة عن نكبة 48. وذاق الشعب الفلسطيني على أيدي هذه القوي الطبقية الرجعية الويلات ممثلة بمشاركتها الفعالة في عمليات القمع لحركة التحرر الوطني الفلسطينية وفي تضليل الجماهير الفلسطينية بانتظار معجزات لا وجود

<13>