إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

الشعبية على الجماهير والذي يبدأ برفع الوعي السياسي العلمي (لأسباب الهزيمة والرد الوطني عليها) ويصر على ضرورة تسليح الشعب وتدريبه وتنظيمه لمتابعة القتال الطويل النفس مع "إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل"، ساهمت بإفساح المجال أمام الشعارات الديماغوجية.

         وهكذا، وبحكم سياسات حركة المقاومة الخاطئة، لن تجد عند طرح احتمالات "التسوية السياسية" الا التعاطف الجماهيري العائم والمسطح، الضعيف الفاعلية والثقل، لأنه غير مسلح بوعي أيديولوجي وسياسي وطني، يضع أصابعه على عوامل وقوانين الهزيمة، ولانه غير مسلح بالأسلحة المادية التي تدافع الجماهير بها عن الأرض وحركة المقاومة.

         ان هذه النتائج التي انتهت إليها حركة المقاومة ليست معزولة عن مقدماتها، وكما ان هزيمة حزيران (يونيو) لم تأت بالصدفة، فكذلك ممارسات حركة المقاومة لم تكن بالصدفة بل هي وليدة "أزمة التكوين الأيديولوجي والطبقي والسياسي لكافة فصائل حركة المقاومة". ان النتائج - أية نتائج - لا يمكن فصلها عن أسبابها، والنتائج المطروحة التي انتهت إليها حركة المقاومة لها مقدماتها وعواملها الأساسية، وهي التي تقدم الإجابة الملموسة على هذه النتائج الملموسة.

نظرة مكثفة على "أزمة حركة المقاومة الراهنة"

         ان حركة التحرر الوطني الفلسطيني (بكافة فصائلها) جزء من حركة التحرر الوطني العربية، بحكم تكوينها الذاتي (الأيديولوجي والطبقي والسياسي)، وبحكم الظروف الموضوعية التي تجد تعبيرها في العلاقة الجدلية اليومية بين معضلات التحرر الوطني ومهمات الثورة الديمقراطية - فلسطينيا وعربيا.

         وأزمة حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية هي، بالتحديد، أزمة الطبقة البورجوازية الصغيرة التي تحتل مركز القيادة فيها منذ أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث تلمست هذه الطبقة - بحكم ثقافتها ومصالحها المعادية للإقطاعية والاستعمار - فشل الإقطاع والبورجوازية الكبيرة في حل معضلات التحرر الوطني، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي، وارتماء الأنظمة الإقطاعية - البرجوازية الكبيرة في المنطقة في أحضان الاستعمار والامبريالية. ثم جاءت نكبة 48 لتقدم الأدلة الملموسة الصارمة على خيانة الإقطاعية والبورجوازية الكبيرة (أنظمة واحزابا) لقضايا الوطن، وعجزها المطلق عن حماية البلاد بحكم طبيعتها الطبقية والأيديولوجية، والسياسية، وارتباطها العضوي بالسوق الرأسمالية العالمية والاستعمار القديم والجديد.

         ومنذ النكبة، أخذ دور ومنهج البورجوازية الصغيرة بالتعاظم في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية، وتقدمت البورجوازية الصغيرة، بأفقها الطبقي والأيديولوجي، ببرنامج حل معضلات التحرر الوطني كخطوة على طريق تعبئة الطاقات المادية والبشرية لتحرير فلسطين، وقد تركز البرنامج الأساسي على ضرورات اسقاط تحالف الإقطاع ورأس المال والاستعمار (أي معسكر الثورة المضادة) وإقامة تحالف البورجوازية الصغيرة والعمال والفلاحين الفقراء (قوى الشعب العاملة على حد تعبير الميثاق المصري)، باعتبار هذه المسألة المركزية هي نقطة البدء في محاربة الاستعمار الاقتصادي والعسكري والسياسي، وفي فتح الطريق لبناء اقتصاد وطني متحرر بالتصنيع والإصلاح الزراعي كقاعدة مادية تستند اليها جيوش وطنية تحمي البلاد وتخوض معركة تحرير فلسطين.

         وتمكنت البورجوازية الصغيرة، على امتداد عشرين عاما، من قيادة حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية ضمن برنامجها الطبقي والأيديولوجي والسياسي، حيث تحتل مركز القيادة وتقف على قمة التحولات الجارية في المنطقة (الرسمية والشعبية).

         وقد جاءت هزيمة حزيران (يونيو) لتضع برنامج البورجوازية الصغيرة موضع الاختبار، وتضع قيادة البورجوازية الصغيرة موضع الاختبارات الصعبة في اعطاء الردود على الهزيمة.

         وكما اتضح في سياق التقرير، فقد جاءت الهزيمة لتثبت، بالملموس، فشل برنامج البورجوازية الصغيرة في مجابهة الهجمة الامبريالية الصهيونية، وفي حل معضلات التحرر الوطني في بلد متخلف في هذا العصر - عصر الاستعمار والامبريالية.

         وأمام الاختبارات الصعبة بين اختيار الطريق الفيتنامي والكوبي لمجابهة نتائج حرب حزيران

<16>