إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

تحول، في التحليل الأخير، على يد حركة المقاومة الفلسطينية إلى "عدم التدخل بالأوضاع الفلسطينية" لان ما جرى ويجري على الأرض العربية مرتبط جدليا بالمسألة الفلسطينية، ودروس ثورة سنة 1936 الفلسطينية ونكبة سنه 48 وهزيمة حزيران (يونيو) سنة 1967 لا زالت طرية وماثلة في الأذهان. وبعد حزيران (يونيو) سنة 67 لم تعزل "الأوضاع العربية" نفسها عن المسألة الفلسطينية، وكل ما يجري داخل هذه الأقطار يمس يوميا قضية فلسطين.

         ان اليميني الرجعي الفلسطيني، الذي يحتضنه اليميني الرجعي العربي، يزرع بدعوته إلى الفصل بين المسألة الفلسطينية والأوضاع العربية بذور هزيمة جديدة سياسية أو عسكرية، تنتهي بتصفية القضية الفلسطينية بالتسوية السياسية المقترحة وفق قرار مجلس الأمن الصادر في "22 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1967". ان اليميني الرجعي الفلسطيني بدعوته هذه، يحاول القفز عن الحقائق التاريخية الملموسة وطمس التناقض القائم بين الأوضاع العربية الراهنة المسؤولة عن نكبة 48، وهزيمة 67، وبين مسألة تحرير فلسطين، وبالمقابل تحتضن الأنظمة الرجعية العربية والأنظمة المتخاذلة تجاه هجمة حزيران (يونيو) الامبريالية الاستعمارية الصهيونية هذه الدعوات اليمينية المشبوهة لإبعاد حركة التحرر الوطني في بلدانها عن دروس ونتائج نكبة 48، وهزيمة 67، المسؤولة عنها هذه الأنظمة القائمة. وبذات الوقت تواصل هذه الأنظمة علاقتها وتعاطيها بالقضية الفلسطينية، والذي يشكل الان قرار مجلس الأمن التصفوي محور هذه العلاقات.

         إن ضرورة هذه المقدمة التحليلية لتأكيد قانون أساسي من قوانين المسألة الوطنية الفلسطينية، وهو قانون "العلاقات الجدلية اليومية بين الأوضاع العربية والقضية الفلسطينية"، وكل ما جرى ويجري في المنطقة العربية يمس القضية الفلسطينية، وعلى "حركة المقاومة الفلسطينية ان تحاكم الأوضاع العربية حسب مواقفها الملموسة من القضية الوطنية الفلسطينية"، وإلا فقدت حركة المقاومة الفلسطينية هويتها الفلسطينية، وتحولت إلى "اضافة كمية" للأوضاع والأنظمة العربية القائمة والمسؤولة عن اجهاض ثورة 36، ونكبة 48، وهزيمة 67. وأية محاكمة للمسألة الوطنية الفلسطينية لا يمكن عزلها عن محاكمة ونقد الأوضاع العربية المسؤولة عن "المأزق التاريخي"الذي تقف أمامه القضية الفلسطينية بعد هزيمة حزيران (يونيو). والأنظمة العربية القائمة، وحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية تقف أمام اختيارين اساسيين تجاه القضية الفلسطينية، وعلى كل منهما يتوقف مصير فلسطين، فإما "تصفية القضية" أو الأخذ ببرنامج حرب تحرير شعبية، وأي محاكمة لهذين الاختيارين ليست معزولة عن برنامج عمل الأنظمة العربية القائمة وحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية، بل ان هذه البرامج المطروحة والتي تجد تعبيرها الملموس في الترجمات اليومية منذ هزيمة حزيران (يونيو) 67 حتى الان هي التي تقرر اختيار "التصفية" أو الاختيار الوطني المقابل. ومسألة الاختيار ليست مرهونة، بالإرادات الذاتية والنيات والشعارات العاطفية الديماغوجية، بل هي مرهونة ببرامج العمل اليومية الملموسة التي تأخذ بها وتمارسها الأنظمة العربية القائمة وحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية. أما القفز عن الواقع الملموس والتغني بالشعارات الديماغوجية فهما عملية يمينية رجعية قذرة نتيجتها اليتيمة "هزيمة جديدة سياسية أو عسكرية تتوج بهزيمة سياسية".

  •  

دروس هزيمة حزيران (يونيو) 1967

         لم تكن هزيمة حزيران (يونيو) هزيمة عسكرية فقط، بل كانت هزيمة لمجموع التكوين الطبقي والاقتصادي والعسكري والايديولوجي لحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية (الرسمية والشعبية).

         ولم تكن الأنظمة العربية الإقطاعية البورجوازية هي المخاطبة بحرب وهزيمة حزيران (يونيو)، فقد حكمت هذه الأنظمة على نفسها بالإفلاس منذ نكبة سنة 1948 تحديدا، وهي المسؤولة عن نكبة 48 حيث قادت جيوشها إلى الهزيمة في ظل تحالفها مع الاستعمار والامبريالية. وكما أن هزيمة حزيران (يونيو) ليست هزيمة عسكرية فقط، فقد كانت نكبة 48 هزيمة للأنظمة الإقطاعية البورجوازية بكل ما تمثله من ممارسات طبقية وسياسية رجعية، تركت اقتصاد فلسطين واقتصاد البلاد العربية اقتصادا متخلفا ومرتبطا بعجلة السوق الرأسمالية العالمية وتحت رحمتها. كما ان هذه الأنظمة، بحكم تكوينها

<3>