إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

الإقطاعي - البورجوازي، فشلت في حل معضلات التحرر الوطني الفلسطيني والعربي بتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي عن السوق الرأسمالية العالمية وعن الاستعمار والامبريالية، وسرعان ما ارتمت في أحضان الاستعمار وتحالفت معه للمحافظة على امتيازاتها الطبقية الاستغلالية، وسيطرتها على قمة الهرم الاقتصادي والسياسي في بلدانها، تقف مع الاستعمار ضد حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية لتمارس، على امتداد تاريخها الحديث، عمليات التطويق والتصفية والقمع لحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية (على سبيل المثال ثورة سنة 1919 في مصر، سنة 1936 في فلسطين، سنة 1941 في العراق، قمع حركة الجماهير في فلسطين وباقي البلاد العربية بكافة أساليب العنف المسلح والسياسي الرجعي).

         ونتيجة لواقع هذه الأنظمة "الإقطاعي - البورجوازي" المتخلف، والضعيف والمتحالف مع الاستعمار والامبريالية، لم تتمكن هذه الأنظمة من بناء جيوش عصرية وطنية قادرة على حماية الوطن ومجابهة سياسات الاستعمار والصهيونية في فلسطين والبلاد العربية الأخرى.

         ومن هنا دخلت هذه الأنظمة حرب 48 بجيوش هزيلة، ومؤخرة أكثر رثاثة وهزالة، محاولة الحركة العسكرية والسياسية ضمن الحدود الجغرافية لمشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية.

         وقد جاءت النكبة وقيام "دولة إسرائيل" تتويجا ونتيجة للأوضاع الفلسطينية والعربية التي تحكمها أنظمة اقطاعية - بورجوازية متخلفة، ومتحالفة مع الاستعمار، لتكشف بوضوح عن ضرورات محاكمة النكبة لا بالنتائج، بل بالمقدمات الطبقية والاقتصادية والسياسية والعسكرية التي افرزت هذه النتائج لتكشف بوضوح ان "تصفية دولة إسرائيل"، و"تحرير فلسطين" رهن برفض الأوضاع الإقطاعية - البورجوازية الاستعمارية، وضرورات تصفية العوامل الأساسية للنكبة. وهذا ما طرحته دروس 48 على حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية، وقد كان عبد الناصر محقا عندما خاطب رفاقه أثناء حصار الفالوجة: "ان الهزيمة لم تقرر في ميدان القتال، بل تقررت هناك في القاهرة "، و"ان تحرير القاهرة من النظام الفاروقي الإقطاعي - البورجوازي المتحالف مع الاستعمار والرجعية العربية يشكل الحركة المركزية في برنامج العمل الوطني لتحرير فلسطين".

         ومن هنا أصبحت المسألة المركزية في برنامج حركة التحرر الوطني العربية والفلسطينية هي تصفية الأنظمة الإقطاعية - البورجوازية المسؤولة عن نكبة 48، أذ ان تصفية هذه الأنظمة تفتح أمام حركة التحرر الوطني الطريق لحل معضلات التحرر الوطني الفلسطينية والعربية، والتي تتطلب هدم الاقتصاد الإقطاعي - البورجوازي المتخلف والمرتبط بالسوق الرأسمالية العالمية، وبناء اقتصاد وطني عصري (بالتصنيع والإصلاح الزراعي) يقف على رجليه، مستقل في حركة تطوره عن السوق الرأسمالية العالمية ومنفصل عنها، وبمعزل عن بناء القاعدة الاقتصادية الصلبة المتحررة من ضغوط الرأسمالية العالمية والاستعمار لا يمكن بناء جيوش نظامية وشعبية تخوض معركة طويلة النفس مع معسكر الثورة المضادة على أرض فلسطين والأرض العربية إسرائيل + الاستعمار + الأنظمة الرجعية العربية المتحالفة معه).

         لقد دخلت حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية منذ نكبة 48 في طور جديد، طبقياً، وأيديولوجياً وسياسياً، ففي ظل افلاس القيادات والأنظمة الإقطاعية - البورجوازية - التي انحازت كليا بعد النكبة إلى صف الثورة المضادة، أخذت حركة الصراع الوطني تكتسب محتوى طبقيا وأيديولوجياً وسياسياً جديداً، بدأت ملامحه الأساسية منذ أعقاب الحرب العالمية الثانية على يد الطبقة البورجوازية الصغيرة الصاعدة والتي لمست افلاس الطبقة الإقطاعية - البورجوازية الكبيرة عن حل معضلات التحرر الوطني وانتهاج سياسة وطنية فعالة معادية للاستعمار والامبريالية والصهيونية. ثم جاءت نكبة 48 لتحكم حكما قاطعا على عجز الأنظمة والقيادات الإقطاعية - البورجوازية لحماية الوطن ومجابهة الصهيونية والامبريالية.

         وطرحت الطبقة البورجوازية، القائدة لحركة التحرر الوطني العربية والفلسطينية، برنامجا طبقيا وأيديولوجياً وسياسياً ذا طبيعة بورجوازية صغيرة لحل معضلات التحرر الوطني بهدم وإسقاط تحالف الإقطاع

<4>