إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968 مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت، مج 4، 653 - 671"

ورأس المال والاستعمار المسؤول عن هزيمة حركة التحرر الوطني العربية والفلسطينية والمسؤول عن نكبة 48، وإقامة تحالف العمال والفلاحين الفقراء والجنود والبورجوازية الصغيرة، وقد احتلت البورجوازية الصغيرة دور الطبقة القائدة في ظل سيادة أيديولوجية البورجوازية الصغيرة، (فالأفكار السائدة هي أفكار الطبقة السائدة).

         وقد تمثل هذا الصراع الوطني - والذي هو في حقيقته صراع طبقي وطني - في برنامج التحولات الطبقية والاقتصادية والسياسية البورجوازية الصغيرة الذي تمثل رسميا في الجمهورية العربية المتحدة وسورية والجزائر وإلى حد ما في العراق لإسقاط تحالف الإقطاع ورأس المال والاستعمار، ومحاولة حل معضلات التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية بهدم الاقتصاد الإقطاعي - البورجوازي الكومبرادوري، وبناء اقتصاد يعتمد التصنيع الخفيف بالدرجة الأولى، وحل المسألة الزراعية في صالح الفلاحين الإجراء والفقراء ومحاولة كهربة البلاد، كل هذا لتأمين قاعدة اقتصادية مستقلة عن السوق الرأسمالية العالمية، وقاعدة سياسية واجتماعية وطنية معادية للاستعمار و الصهيونية، وبناء جيوش وطنية نظامية عصرية لحماية الوطن وتحرير فلسطين. وأمام عنف الصراع الوطني - الطبقي لم تنتظر قوى الثورة المضادة طويلا فبادرت بتنظيم عدوان سنة 1956 الأنجلو - فرنسي الصهيوني لتصفية النظام الوطني المعادي للاستعمار والرجعية والصهيونية والذي يهدد مصالح ومواقع الثورة المضادة على الأرض الفلسطينية المحتلة وعلى الأرض العربية. وبعد عدوان سنة 56 حاول الاستعمار الجديد - وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية - احتواء حركة التحرر الوطني العربية متمثلة بالأنظمة الوطنية من الداخل بعد فشل محاولة التصفية من الخارج. ولكن الأنظمة الوطنية رفضت عمليات الاحتواء، وبقيت تخوض معركتها الوطنية مع الاستعمار القديم والجديد بنفس متقطع ينسجم مع طبيعتها الطبقية البررجوازية الصغيرة المترددة، حتى تأكدت الامبريالية الاميركية من فشل سياسة الاحتواء السلمية "لتركيع" حركة التحرر الوطني العربية، والوصول إلى "تصفية" للقضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، وإعادة ترتيب الخارطة الطبقية والسياسية في المنطقة لصالح الأنظمة الإقطاعية - البورجوازية اليمينية الرجعية التي تشكل القواعد المادية والسياسية للإمبريالية في المنطقة وصمام امان لدولة إسرائيل.

         من هنا لم تكن الأنظمة الرجعية العربية هي المخاطبة بحرب حزيران (يونيو) بل كانت الأنظمة الوطنية وكافة فضائل حركة التحرر الوطني العربية والفلسطينية، فلماذا كانت الهزيمة؟ وبأي برنامج للعمل الوطني جابهت الأنظمة الوطنية وحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية هزيمة حزيران (يونيو)؟

         لقد أعطى منظرو البورجوازية الصغيرة والمنظرون الرجعيون والبورجوازيون (فلسطينيون وعرب) تفسيرات وتحليلات للهزيمة يمكن حصرها في مسألة التفوق العلمي والتكني والحضاري لإسرائيل والامبريالية الاميركية التي تحتضنها، والمسألة الثانية بكوننا بلدانا متخلفة صغيرة فان بلادنا لا تستطيع "مجابهة ومناطحة" الامبريالية الاميركية التي تملك آلة حرب طاغية في تفوقها التكني على أي بلد من البلدان المتخلفة في آسية وافريقية واميركة اللاتينية. وخلص هذا النفر من المنظرين والمحللين إلى نتيجة مؤداها أن انتصارنا على إسرائيل يتطلب اللحاق بها والتفوق عليها بالعلم والتكنيك.

         وعلى الجانب الآخر حاول بعض المنظرين البورجوازيين الصغار والرجعيين ان يفسروا الهزيمة بسلسلة أخطاء عسكرية تكنية وقع فيها هذا الجيش أو ذاك كمفاجأة الطيران العربي بضربة قاضية مثلا.

         ان المنظرين والمحللين البورجوازيين الصغار والرجعيين (من فلسطينيين وعرب) يقفزون بطريقة بهلوانية عن وقائع التاريخ المعاصر في محاكماتهم لهزيمة العرب في حزيران (يونيو)، ويقفزون عن قصد عن العوامل الأساسية لتجرع الهزيمة في ستة أيام رغم اكداس الشعارات الصاخبة قبل 5 حزيران (يونيو) "شبراً شبراً"، "حرب التحرير الشعبية"، و"سياسة الأرض المحروقة"، هذه العوامل التي شكلت المقدمات الموضوعية المادية للنتيجة التالية "هزيمة حزيران (يونيو)". فاذا كان التفوق العلمي والتكني الإسرائيلي والامبريالي العامل الأساسي في الهزيمة، فكيف يكون تفسير المجابهة الفيتنامية لنصف مليون جندي اميركي بالإضافة إلى نصف مليون جندي تابع لحكومة سايجون العميلة؟

<5>