إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

واذا لم تكن لنا قدرة كبلد ضعيف ومتخلف على الصمود ومناطحة اميركة فكيف يكون تفسير المناطحة الفيتنامية والكوبية للامبريالية الاميركية مع تفوق آلة الحرب الاميركية؟ واذا كانت الهزيمة نتاج حفنة أخطاء تكنية عسكرية فلماذا تجرع الهزيمة واختفاء شعارات القتال شبرا شبرا، وحرب التحرير الشعبية؟ بينما تخوض فيتنام حربها الشعبية الثورية شبرا شبرا، قولا وفعلا ولا تخلو حربها من انتكاسات وهزائم تلحق بالطوابير النظامية لجيش فيتنام الثوري في الشمال والجنوب.

          ان شعب فلسطين، وشعوب الأمة العربية لو أخذت بتحليلات منظري الرجعية والبورجوازية الصغيرة لاحتاجت إلى أكثر من قرن من الزمان حتى تتمكن من اللحاق بالتقدم العلمي والتكني الصهيوني - الامبريالي وتردم الفجوة الحضارية الواسعة بين بلدنا الزراعية المتخلفة، وإسرائيل الصناعية المقدمة المدعومة من الامبريالية العالمية وخاصة الاميركية.

          ان حقائق التاريخ الثوري المعاصر للشعوب المتخلفة تفضح وتكذب ادعاءات منظري الرجعية والبورجوازية الصغيرة، وتكشف عن العوامل الأساسية لهزيمة العرب في حزيران (يونيو)، وصمود شعب فيتنام الصغير (30 مليون نسمة) وشعب كوبة (7 ملايين نسمة) في وجه الامبريالية الاميركية وتحقيق الهزيمة المؤكدة بالاستعمار الاميركي وآلة حربه المتفوقة علميا وتكنيا على أسلحة الشعب الفيتنامي والكوبي. فلماذا الهزيمة في بلادنا، والمجابهة والمناطحة هناك؟

          في فيتنام وكوبة أنظمة وطنية ثورية ذات تكوين طبقي بروليتاري وفلاحي فقير، تضع طاقات البلاد المادية والثقافية والمعنوية في خدمة حل معضلات التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية، بتصفية كافة الامتيازات الطبقية المادية والمعنوية (الإقطاعية والبورجوازية) وبناء القاعدة المادية الصلبة للاستقلال الاقتصادي والسياسي، بالتصنيع الثقيل والزراعة الثقيلة الممكنة وكهربة البلاد. وتقف الطبقات الثورية في المجتمع على رأس تحالف الطبقات والقوى السياسية المعادية لتحالف الإقطاع ورأس المال والاستعمار. ومثل هذا البرنامج الاقتصادي والسياسي الوطني قادر على تعبئة وتسليح كل الطبقات المناضلة من أجل حل معضلات التحرر الوطني والنضال ضد الإمبريالية والاستعمار الجديد. وهنا يكتسب شعار "الحرب الشعبية" مدلولاته العملية الملموسة، حيث نجد أعرض الجماهير العاملة والفقيرة تنتظم في صفوف كتائب الميليشيا الشعبية، وكتائب الأنصار، وطوابير الجيش الوطني النظامي لدحر الامبريالية وكل القوى المحلية المتحالفة معها.

          في بلادنا المسألة مختلفة: أوضاع وتكوين حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية هي التي كانت مخاطبة بحرب حزيران (يونيو)، وهي المخاطبة في المرحلة الراهنة في الرد على هزيمة حزيران (يونيو). في بلادنا تحتل الطبقة البورجوازية الصغيرة مركز الطبقة القائدة في حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية، وقد قادت هذه الطبقة مجمل التحولات الطبقية والسياسية والاقتصادية والعسكرية ضمن الأفق الايديولوجي والطبقي والسياسي للبورجوازية الصغيرة. والذي هزم في حزيران (يونيو) 67، هو هذا الأفق الايديولوجي وبرنامج عمله الطبقي والاقتصادي والسياسي والعسكري، فالاقتصاد الذي بنته البورجوازية الصغيرة لم يتمكن من الصمود في وجه الهجمة الامبريالية الصهيونية لأنه اقتصاد استهلاكي يعتمد التصنيع الخفيف، والحلول الزراعية، قامت على تفتيت الأرض على حساب رفع الكفاية الإنتاجية، ومثل هذا الاقتصاد - بعد قفل قناة السويس - وجد نفسه مطالبا بالتراجع ومد يده إلى الأنظمة الرجعية البترولية حتى يتمكن من البقاء واقفا على قدميه.

          وفي مسألة العلاقة الأيديولوجية السياسية بقيت هذه الطبقة على قمة الهرم الاجتماعي والسياسي وترجمت "تحالف قوى الشعب العامل" إلى تحالف يضعها على قمة هذا التحالف، ويضع الجماهير العريضة من عمال وفلاحين وفقراء وجنود في قاعدة هذا الهرم، كي تبقى البورجوازية الصغيرة متحكمة في مجمل التحولات الجارية على أرض الوطن وفي حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية.

          وبحكم الطبيعة الطبقية للبورجوازية الصغيرة - والتي تخشى الجماهير الشعبية بقدر ما تخشى من التركز الإقطاعي - الرأسمالي - لم تتمكن ببرنامجها الأيديولوجي والسياسي والطبقي البورجوازي الصغير من "بناء اقتصاد وطني متحرر من السوق الرأسمالية

<6>