إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

العالمية ومنفصل عنها في حركة تطوره"، وبالنتيجة لم تتمكن من نسف كافة الجسور مع الاستعمار الجديد والامبريالية العالمية عامة والاميركية خاصة.

         لذا كله، فقد راهنت البورجوازية الصغيرة في مسألة حماية الوطن وتأهيل البلاد (اقتصاديا وسياسيا وعسكريا) للعمل على تحرير فلسطين، راهنت على الجيوش النظامية ورفضت تسليح الشعب وتدريبه وتنظيمه في كتائب الميليشيا الشعبية، لوضع موضوعة "حرب التحرير الشعبية" التي تغنت بها البورجوازية الصغيرة موضع الترجمة اليومية الملموسة.

         بهذه الأوضاع، وبهذا البرنامج الوطني، دخلت الأنظمة البورجوازية الصغيرة حرب حزيران (يونيو)، ليتضح بالواقع الملموس "ان مثل هذا البرنامج لا يستطيع الصمود في وجه الاستعمار الجديد والصهيونية". وفي اللحظة التي برزت فيها خيوط هزيمة الجيوش النظامية سارعت أنظمتها لطلب أو الموافقة على "وقف إطلاق النار" وتطايرت في الهواء الطلق اكداس الشعارات الثورية "القتال شبرا شبرا، حرب التحرير الشعبية، سياسة الأرض المحروقة... الخ".

         ولم يكن أمام أنظمة البورجوازية الصغيرة الا واحدا من اختيارين: اما اختيار الطريق الفيتنامي الكوبي بإحداث انقلاب شامل في برنامج العمل الوطني لتعبئة كافة الطاقات المادية والبشرية والمعنوية للمجتمع ولحركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية على طريق تسليح الجماهير وشن "حرب تحرير شعبية ثورية" ضد كافة المصالح والمواقع الاستعمارية والصهيونية والرجعية المتحالفة مع الاستعمار، ووضع شعار "مقاتلة إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل" موضع الترجمة الثورية اليومية المسلحة، بصدام عريض، وعلى جبهة عريضة ضد كل قوى الثورة المضادة التي تدعم وتحتضن إسرائيل أو تتعامل مع من يدعم إسرائيل، وبذا يأخذ ميزان القوى في الميل لكفة حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية وتصح "مناطحة" اميركة وآلة الحرب الاميركية، ويحدث التفوق لصالح العرب بالتفوق البشري - الأمواج البشرية المقاتلة المتتالية - على التفوق التكني الإسرائيلي - الاميركي، كما هو حادث ويحدث يوميا في فيتنام وكوبة.

         والاختيار الآخر، البقاء ضمن المواقع والبرامج التي كانت قائمة حتى حزيران ( يونيو) 67 والتي اعطت هزيمة حزيران (يونيو)، ومعنى هذا، ان الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية محكومة بالتراجع المتصل لصالح إسرائيل والامبريالية والقوى الرجعية العربية المتحالفة مع الاستعمار القديم والجديد. وهذا ما حدث - وبكل مرارة - ولم يأت بالصدفة ما حدث. فالأنظمة العربية الاقطاعية - البورجوازية لا يمكن أن تشن حربا على الاستعمار والامبريالية، فهي في تحالف قديم جديد مع الامبريالية ضد شعوبها، وضد حركة التحرر الوطني في بلادها، ومنذ سنة 48 حكمت على نفسها بالإفلاس عن حماية الوطن وتحرير فلسطين، وانحازت كليا إلى صف معسكر الثورة المضادة. والأنظمة الوطنية المعادية للاستعمار والصهيونية غير قادرة - بحكم تكوينها الطبقي والايديولوجي البورجوازي الصغير - على وضع برامج "حرب التحرير الشعبية" موضع الممارسة الثورية اليومية، لان هذا يتطلب بالضرورة تخليها عن امتيازاتها المادية والسياسية والمعنوية لصالح البرنامج الاقتصادي والسياسي والعسكري للثورة الشعبية على "إسرائيل والاستعمار الجديد"، وليس من طبقة في التاريخ تمارس نقيض مصالحها، وتتخلص طواعية عن مصالحها وامتيازاتها حتى ولو كان الوطن في خطر والبلاد تتمزق قطعة قطعة تحت أرجل أعداء الوطن.

         ان رفض الطريق الفيتنامي والكوبي الذي لا طريق غيره لانتصار البلدان المتخلفة وتفوقها على التفوق العلمي والتكني للامبريالية والاستعمار الجديد، يعني بالضرورة اختيار طريق التراجع المتصل أمام الصهيونية والاستعمار الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية العدو رقم (1) للبلدان المتخلفة على امتداد آسية وأفريقية واميركة اللاتينية.

         وطيلة الخمسة عشر شهرا الماضية على هزيمة حزيران (يونيو)، اتخذت الأنظمة العربية (الوطنية والرجعية) ذات المواقع والبرامج التي مارستها قبل حزيران (يونيو) والتي أعطت الهزل، ومن هنا حكمت على نفسها بالتراجع المتصل الذي بدأ باعتبار قرار مجلس الأمن مرفوضا، ثم ناقصا وغامضا، ثم اشتراط ارتباط بعض بنوده (المرور في قناة السويس خاصة) بالمسألة الفلسطينية برمتها، وأخيرا القبول "بقرار مجلس الأمن كاملا بلا أية شروط" مع

<7>