إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) التقرير السياسي الأساسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 653 - 671"

الجماهير الفلسطينية والعربية في مواقع الصدام مع الثورة المضادة بدلا من بقائها وإبقائها في مواقع المتفرجين بانتظار معجزة تحدث في عصر انتهى فيه عهد المعجزات. كما ان مطالبة الأوضاع الراهنة بإنتاج سياسة "حرب التحرير الشعبية" هي مطالبة مغلوطة أساسا، اذ ان هذه الأوضاع لا تفرز نقيضها حيث التصادم مع طبيعتها ومصالحها وعلاقاتها المحلية والدولية.

         وفي مقابل برنامج "حرب التحرير الشعبية" أي الطريق الفيتنامي والكوبي في مجابهة "ومناطحة" الهجمة الامبريالية - الصهيونية، سلكت الأنظمة العربية طريق ذات البرامج والمقدمات التي كانت قائمة حتى حزيران (يونيو) 67 وأعطت النتيجة المعروفة: الهزيمة.

         وهذا ما دفع هذه الأنظمة على اختلاف أوضاعها الطبقية والسياسية إلى التراجع المتصل لصالح إسرائيل والامبريالية منذ حزيران (يونيو) حتى الآن. فبدلا من حملة تعبئة أيديولوجية وسياسية وثورية على امتداد الأرض الفلسطينية والعربية للدخول في عملية صدام شعبية مسلحة وغير مسلحة لضرب وتدمير المصالح والمواقع الامبريالية، وعلى رأسها مصالح ومراكز الولايات المتحدة الاميركية، التي تحتضن وتدعم اسرائيل بشكل صارخ ومكشوف منذ سنة 48 وحتى الآن. بدلا من هذه السياسة الوطنية الشريفة، تراجعت الأنظمة العربية وأخذت بمغازلة الولايات المتحدة في ظل الحفاظ على جميع مصالحها الاستعمارية التي تمتص فيها دم الجماهير الفلسطينية والعربية، وتغذي بها دولة إسرائيل، بينما ان الواقع الملموس يؤكد ان "لوي عنق إسرائيل يكون بلوي عنق الامبريالية الاميركية على امتداد الأرض العربية".

  • وبدلا من رفض قرار مجلس الأمن التصفوي، انتهت الأنظمة العربية إلى الأخذ به ودعوة الدول الأربع الكبرى الى دفع اسرائيل للأخذ به وضمانته دوليا.
  • وبدلا من الأخذ فورا وبلا تردد ببرامج "الحرب الطويلة الأمد"، وذلك بعسكرة الاقتصاد وفرض سياسة التقشف، وتسليح الشعب وتنظيمه في كتائب الميليشيا الشعبية بالإضافة الى تسليح الجيوش النظامية، وذلك لشن حرب شعبية طويلة الأمد يحدث بها التفوق العربي على التفوق التكني والعلمي للصهيونية والامبريالية الاميركية، بدلا من هذا عادت الأنظمة العربية الى سياسة اعتماد نظرية الجيوش النظامية التي انهارت أمام التفوق العلمي والتكنولوجي الامبريالي - الإسرائيلي في حرب حزيران (يونيو)، ومرة أخرى اختيار طريق الحرب النظامية التي ليست في صالح العرب وهي ليست في صالح أي بلد متخلف وفقير يخوض معارك تحرره الوطنية مع قوى متفوقة عليه علميا وتكنيا، هذا بالوقت الذي بات واضحا أن معركة التحرير الوطنية في البلدان المتخلفة تتطلب تفوقا بشريا على التفوق التكني الإمبريالي، ومثل هذا التفوق يتطلب تنظيم الشعب وتسليحه للقتال الطويل النفس العالي التضحيات البشرية لتحقيق النصر، وهزم "إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل في بلادنا".

         مرة أخرى عودة إلى ذات المقدمات التي سبقت حزيران (يونيو) 67، ومن هنا تفسير التراجع المتصل القائم لصالح "قرار مجلس الأمن التصفوي" لان رفض القرار، عملا لا قولا، يتطلب انتهاج طريق مختلف جذريا عن الطريق الذي اخذت به الأنظمة العربية طيلة الخمسة عشر شهرا الماضية على هزيمة حزيران (يونيو). اما اذا اصرت إسرائيل على تفسير القرار على هواها - وهي في موقع المنتصر - وخاصة قضايا الحدود الآمنة على حساب انتزاع المزيد من الأرض العربية وضمها إلى الأرض المحتلة قبل 5 حزيران (يونيو)، فليس أمام الأنظمة العربية الا واحدا من موقفين: اما المزيد من التراجع، أو الدخول في حرب قصيرة النفس نتائجها معروفة منذ الآن لان الأوضاع العربية غير مؤهلة لوضع برنامج الحرب الطويلة الأمد موضع الترجمة اليومية الفعالة على امتداد الأرض الفلسطينية والعربية لإرغام الامبريالية وإسرائيل على التراجع وتصفية الكيان الإسرائيلي العنصري العدواني.

حركة المقاومة الفلسطينية
والمسألة الوطنية الفلسطينية

         مثلت حركة المقاومة الفلسطينية النقطة المضيئة على خارطة الوضع العربي القائمة، أثر هزيمة

<9>