إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان "الجناح التقدمي" في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول تأسيس الجبهة الشعبية الديمقراطية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 64 - 68"

الوطني في البلدان المتخلفة لن تتمكن من قيادة حركة الثورة الوطنية إلا في ظل طليعة منظمة تلتزم بفكر الطبقة العاملة، الفكر الوطني الجذري، ومثل هذه الطليعة لن تولد ولن توجد في البلدان المتخلفة إلا من خلال الأخذ بالكفاح المسلح والعنف الثوري، فالحزب الثوري ينمو ويتشكل من خلال الكفاح المسلح". " تقرير المؤتمر، القسم الأول - ص 12". ومن هنا انبثق شعار يسار الجبهة الشعبية بضرورة "تحويل كل مقاتل إلى سياسي ثوري مسلح بالثقافة الطبقية العمالية الثورية وتحويل كل سياسي إلى مقاتل ثوري".

         كما انتهى تقرير المؤتمر في محاكمته النقدية لمجموع الممارسات السياسية لقيادة الجناح اليميني "إلى الإدانة الكاملة لهذه الممارسات، التي نقدها الجناح التقدمي، وخاصة فيما يختص بممارسات القيادة اليمينية لشعار "عدم التدخل بالأوضاع العربية" الذي أعطته القيادة ترجمات خاطئة، وما يختص بالسياسة اليمينية "لمسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية". "تقرير المؤتمر، القسم الثاني - ص 22، 23، 24".

         كما انتهى تقرير المؤتمر إلى "إدانة تجربة حركة القوميين العرب باعتبارها تجربة يمينية ذات جذور فاشية، بتكوينها الفكري والسياسي واستقطاباتها الطبقية اليمينية التي شكلت الإطارات القيادية للحركة طيلة الخمسينات، والتي انتقل فريق منها إلى صف الثورة المضادة". "التقرير، القسم الثالث - ص 13".

         كما انتهى المؤتمر إلى "إدانة الرموز البشرية المهيمنة على الحركة حتى مؤتمر آب (أغسطس)". "التقرير، القسم الثالث - ص 7". ولذا، فقد انتهى المؤتمر إلى "إدانة تجربة حركة القوميين العرب اليمينية نظريا وممارسة وطبقيا". "التقرير، القسم الثالث - ص 8".

         وانتهى أيضا إلى "الإدانة الكاملة للإطارات القيادية للحركة وللجهة التي تحكمت بالموقع القيادي الأساسي حتى مؤتمر آب (أغسطس)، والمحكوم عليها بالفشل التاريخي الذي أعطى الممارسات الفكرية والسياسية والتنظيمية الخاطئة واليمينية ليخرج المؤتمر بإدانة كاملة للأدوات البشرية التي أعطت هذه الممارسات".
"التقرير، القسم الثالث - ص 10".

         من هذا كله، فقد خرج المؤتمر بإعلان انحيازه الكامل للبرنامج اليساري الثوري الذي، تقدم به الجناح التقدمي في الجبهة الشعبية والذي يتلخص تحديدا:
          1 - بالانحياز الكامل لأيديولوجية الطبقة العاملة.
          2 - صياغة العلاقات الداخلية "مع الأعضاء" والخارجية "مع الجماهير"، ضمن قانون الديمقراطية المركزية فكريا وسياسيا، أي بطرح كل شيء على الجماهير مع حق الأقلية بطرح وجهة نظرها علنا في الشارع وأمام الجماهير.
          3 - العمل على نقل العمليات الكفاحية السياسية والمسلحة والجماهيرية إلى ارض الضفة الغربية والقطاع، والإقلال من الاعتماد على القواعد في الأغوار واعتبارها جسور تموين بالسلاح.
          4 - ضرورات نشر المقاومة الشعبية على امتداد الضفة الشرقية لصد أية احتمالات للغزو الصهيوني، والقتال دفاعا عن البلد شبرا شبرا ووضع مسألة حرب التحرير الشعبية موضع التنفيذ العملي المسلح.
          5 - النضال من اجل تشكيل جبهة وطنية عريضة تضم كافة القوى الطبقية والسياسية المعادية للاستعمار والصهيونية والرجعية في ظل قيادة الفصائل المقاتلة التقدمية.
          6 - وضع معركتنا مع إسرائيل في إطارها الصحيح، "معركة مع إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل".
"التقرير، القسم الثالث - ص 12، 13".

          وفي الأوضاع التنظيمية فقد اقر المؤتمر ضرورة "تطهير صفوف الجبهة من كافة العناصر المتخلفة والمعطلة، وتفتيت مراكز القوى، والاقطاعات الخاصة، والشلل والاستزلام". "التقرير، القسم الثالث - ص 14، 15".

         بعد كل هذا، أكد تقرير المؤتمر ان هذه الانحيازات اللفظية لا قيمة لها ان لم ترتبط بالترجمة العملية، وبداية ربطها بالممارسة ان تتسلم القيادة عناصر تقدمية ثورية، خاصة بعد ان أدان المؤتمر القيادة اليمينية التقليدية. "وعندما ظهرت نتائج انتخابات اللجنة المركزية التي سقط فيها اليمين، رفض اليمين نتائج المؤتمر، وارتد عليها، وهدد بقوة السلاح بضرورة فرض قيادة يرضى عنها بحكم تحكمه بمراكز القوى المسلحة في تلك الفترة، وفعلا فقد فرض اليمين بقوة السلاح تشكيل "قيادة توفيقية" رفض الجناح التقدمي الاغلبي في المؤتمر وفي اللجنة المركزية المشاركة بها، ولكنه خشية من الانشقاق الذي كنا على عتبته تراجع الجناح التقدمي خطوة إلى الوراء حفاظا على وحدة الجبهة في تلك الفترة ومحاولة التصحيح في ظل التعايش مع اليمين من جديد. وأخيرا رضى بمشاركة رمزية مشترطا بقاء علاقته رهنا بتنفيذ قرارات المؤتمر اليسارية والثورية". "التقرير، القسم الثالث - ص 17".

          وهكذا خرج المؤتمر بقرارات تقدمية وببرنامج تقدمي ثوري وسياسي وعسكري، ليوضع بيد القيادة اليمينية الفاشلة والتي أدانها المؤتمر، تحت ضغط السلاح وتهديد اليمين بالانشقاق، لتبدأ جولة جديدة في الصراع الفكري والسياسي والتنظيمي بين جناحي الجبهة منذ اليوم الأخير لمؤتمر آب (أغسطس)، وحتى لحظة انفجار التناقضات في 28/1/1969، حيث لجأ الجناح اليميني إلى سياسة الاحتكام للسلاح بعد أن تلمس إفلاسه الكامل في حل التناقضات لصالحه، وبات أمام هزيمة محققة في ظل الاحتكام للأصول الديمقراطية.

ماذا بعد مؤتمر آب (أغسطس)؟
          منذ اللحظة الأخيرة لانتهاء المؤتمر وفرض قيادة توفيقية على المؤتمرين بقوة السلاح، اخذ اليمين - الذي يدعي اليسارية الآن بعد تاريخ فاشي يميني حافل فكرا وممارسة وحتى الآن - برفض كل قرارات مؤتمر آب (أغسطس)، ورفض برنامج آب (أغسطس) اليساري فكريا وسياسيا وتنظيميا وعسكريا ليتأكد من جديد، وكما جاء في تقرير مؤتمر آب (أغسطس) "انه لا يمكن تحويل مؤسسة بورجوازية يمينية وبورجوازية صغيرة إلى موقع يساري ثوري بكاملها"، إذ لا يمكن تحويلها

<3>