إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان "الجناح التقدمي" في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول تأسيس الجبهة الشعبية الديمقراطية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 64 - 68"

بكاملها إلى نقيضها. وإن كان من الممكن أن تفرز من بين صفوفها نقيضها "حركة تقدمية ثورية" تضع موضوعات مؤتمر آب (أغسطس) ونتائجه موضع الترجمة الملموسة اليومية عندما يتسنى للقوى التقدمية الانفصال والاستقلال الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي والعسكري التام عن الفريق اليميني الذي يرفض عمليا الالتزام بقرارات آب (أغسطس) ويوافق عليها لفظيا. وليتأكد كما جاء في تقرير آب (أغسطس) "أن البورجوازية والبورجوازية الصغيرة بقدر ما تجيد صنع الشعارات والمواقف النظرية الثورية تجيد بذات القدر وأكثر وبذات الوقت إفراغها من محتواها ومدلولاتها الملموسة".
"التقرير، القسم الثالث - ص 18".

          بعد هذا كله، وبعد نضال دؤوب منذ آب (أغسطس) وحتى فترة قريبة حاول يسار الجبهة الشعبية أن يضع برنامجه الثوري الذي تقدم به في آب (أغسطس) موضع التنفيذ، ولكن يمين الجبهة الذي يقوده يمين حركة القوميين العرب والذي وافق على البرنامج لفظيا، راح يقاتل ضده عمليا ويوميا بدءا من رفضه نتائج انتخابات اللجنة المركزية التي سقط فيها اليمين، مرورا بحجب ومحاربة وصول "تقرير الجبهة السياسي الأساسي" إلى الجماهير حيث حجزه اليمين بعد طباعته، وانتهاء برفض تفتيت مراكز القوى، وبالعكس، الإمعان في هذه السياسة.

          وبدأ منذ أوائل كانون الأول (ديسمبر) 68، يتآمر ضمنا وعلنا لتطويق وتصفية الجناح التقدمي الثوري. "اعتقالات كانون الأول (ديسمبر)، كانون الثاني (يناير)، رسالة وديع حداد المنسوبة إلى جورج حبش من بيروت إلى العناصر الموالية لليمين التقليدي في عمان بضرورة العمل السريع لتصفية اليسار، تجويع القواعد الفدائية التقدمية ومحاولة تصفيتها"، وانتهاء بالحملة الفاشية الإرهابية التي بدأت في 28/1/1968 وحاولت دفع حركة المقاومة إلى مجزرة دموية رهيبة.. إلى 4 - 11 أخرى".

          بعد هذا كله، فقد اتضح للجناح التقدمي الثوري في الجبهة الشعبية ان إمكانات التعايش مع يمين حركة القوميين العرب الذي يقود يمين الجبهة لم تعد ممكنة، رغم أننا قد طرحنا على اليمين عقد مؤتمر ديمقراطي يقوم على ضمانات حقيقية "حتى يتم التزام الأقلية بموقف الأكثرية". ولكن اليمين - ممثلا بجورج حبش - رفض الاحتكام لمؤتمر ديمقراطي وطرحنا عليه فكرة طلاق ديمقراطي يحدد أين تقف أكثرية تنظيم الجبهة التي يحق لها العمل باسم الجبهة مع أننا لا نعترض على أية أقلية أن تعمل باسم الجبهة أو أي تسمية تشاء، ولكن اليمين رفض أيضا الطلاق الديمقراطي، واندفع في ممارسة سياسة إرهابية، منتهزا غياب القيادات الفلسطينية في القاهرة حيث اجتماعات المجلس الوطني، ففتح النار في 28/1/1969 معتمدا على قوة السلاح "لفرض الحلول بالقوة نظرا لإفلاسه الديمقراطي"، ومحاولا دفع الجناح التقدمي إلى "مجابهة العنف بالعنف" "والاعتقالات باعتقالات"، وهو امر كان من شأنه أن يعطى فرصة للدوائر المعادية لحركة المقاومة أن تتدخل لتصفية حركة المقاومة "بحجة الفصل بين المتحاربين ووقف إراقة الدماء". ولكن الجناح التقدمي رفض هذه السياسة الفاشية، وناضل مع جميع فصائل حركة المقاومة لقطع الطريق عليها. وفعلا فقد وقفت جميع المنظمات الفدائية وكل الوطنيين الشرفاء في وجه محاولة اليمين، رغم انه حتى الآن لا زال يمارس سياسته والتي كان آخرها محاصرة بيوت المناضلين، وإطلاق الرصاص عليهم.

          ومن هنا، وبعد سلسلة من المؤتمرات في كل الفروع  الفلسطينية المنضوية تحت راية الجبهة الشعبية، فقد انتهت هذه المؤتمرات على امتداد الأشهر الثلاث الأخيرة إلى إعلان انحيازها إلى الجناح التقدمي في الجبهة. فقد تم انحياز أغلبية تنظيمات الجبهة في الضفتين الغربية والشرقية وكل الفرع الفلسطيني في العراق، وكل الفرع الفلسطيني في سوريا، وكل الفرع الفلسطيني في الكويت، وما يزيد عن نصف الفرع الفلسطيني في لبنان، وكل التنظيمات الطلابية الفلسطينية في الجمهورية المتحدة، وكل التنظيمات الطلابية الفلسطينية في أوروبا الشرقية والغربية، وكل التنظيم الطلابي في الولايات المتحدة الأميركية، والتنظيم الجبهوي في اميركا اللاتينية، وقد أنهت هذه التنظيمات والفروع علاقتها كليا بيمين حركة القوميين ويمين الجبهة الشعبية.

القرارات
          وانطلاقا من كل هذه التجربة الطويلة مع اليمين، وفشل كل محاولات تصحيح وتطوير أوضاع اليمين على طريق تنفيذ قرارات مؤتمر آب (أغسطس)، فقد انتهت كل الفروع وكل هذه التنظيمات في مؤتمراتها إلى القرارات التالية:
          أولا - الالتزام التام بقرارات مؤتمر آب (أغسطس)، والعمل على ترجمة برنامج آب (أغسطس) السياسي والعسكري الثوري.
          ثانيا - إدانة ممارسات يمين حركة القوميين العرب الذي يقود يمين الجبهة الشعبية، هذه الممارسات التي أدانها مؤتمر آب (أغسطس)، ومطالبة كافة فصائل حركة المقاومة أن تقف بصلابة ضد كل محاولات حل التناقضات الفكرية والسياسية بقوة السلاح، ورفع شعار "لتتوجه كل البنادق إلى صدور العدو الصهيوني الاستعماري" عاليا. ولنطرح أمام الجماهير ان الطريق الديمقراطي، طريق الاختيار الحر، هو الطريق الوطني الوحيد والمشروع لحل التناقضات في صفوف حركة المقاومة، وأي محاولة للاحتكام للسلاح في حل التناقضات، هي عملية فاشية مدانة من أي مصدر كان.
          ثالثا - إنهاء كل علاقة مع يمين حركة القوميين العرب ومع حركة القوميين العرب شكلا ومحتوى، وإنهاء علاقة هذه الفروع والتنظيمات بيمين الجبهة الشعبية، والعمل المستقل أيديولوجيا وسياسيا وعسكريا وتنظيميا.
          رابعا - حتى لا يحصل أي التباس في أذهان الجماهير، ودفعا لكل ألوان الاحتكاكات مع اليمين الفاشي الذي غادرنا نهائيا العلاقة معه، فقد أقرت اللجنة المركزية المنتخبة في مؤتمر آب (أغسطس) "الأكثرية التقدمية والتي ترتبط بها جميع تنظيمات الجبهة المذكورة، ولحين انعقاد المؤتمر القادم للجبهة الجديدة، أقرت، وبعد مناقشات طويلة مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن تناضل تحت اسم الجبهة الشعبية

<4>