إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



(تابع) عريضة الجمعية الإسلامية المسيحية في يافا المقدمة إلى الجنرال وطسن حول الهجرة
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 267 - 268"

         وأعجب من هذا أن فلسطين المسكينة التعسة المنكودة الحظ صارت ألعوبة بيد السياسيين تتناولها كما شاءت أهواؤهم فانهم لم يكتفوا بتصريحاتهم بوجوب اعطاء فلسطين لليهود بل جعلوا يقترحون اقتراحات تبرهن لنا على أن الشعب العربى الموجود في فلسطين اليوم لا يأتى عليه نصف قرن وهو فى عالم الوجود. اذ يقترحون فصل فلسطين عن سورية وجعلها وحدة سياسية منفصلة - ولعمرى لا ندرى ما هى الوحدة المنفصلة- تحت اشراف انجلترا فيكونون باقتراحاتهم هذه:

أولا:

قد أعطوا فلسطين لليهود.

ثانيا:

جزأوها وسلخوها عن سورية وبانسلاخها قل عددها وكثر عدد اليهود وأصبحت لهم الأكثرية في كل شىء ونحن لسنا بقادرين عليهم مع كثرتنا وقلتهم الآن فكيف بنا اذا صارت لهم الأكثرية وهم أكثر منا مالا وأرقى علما.

ثالثا:

يكونون قد وضعوا البلاد العربية تحت اشرافين أجنبيين بحيث تكون فرنسا الدولة المبغضة لليهود والمعاكسة للفكرة الصهيونية في سورية وانجلترا المتساهلة معهم أكثر من كل دولة في فلسطين فيالهول هذه الاقتراحات التى تقضى علينا وعلى بلادنا القضاء المبرم. وليت تلك الاقتراحات اقترحها ناس ليس لهم مركز في العالم السياسى بل هى اقتراحات لجريدة التايمس التى تعبر عن أرقى أفكار الساسة البريطانيين تقول انها أتتها من رجل أقام في الشرق بضع سنوات وليس له غرض شخصى ولا سياسى. فتأمل.

         واقتراحات المستر هربرت صموئيل من وزراء بريطانيا العظمى السابقين القائل أن اقتراحه الآتى يدعه أن يعتقد بارتياح ان العرب واليهود يعيشون معا بوئام في فلسطين اذا طبق. وما علم ان ذلك يؤدى إلى أوخم العواقب اذ قام يقترح وضع قرار يظهر لمؤتمر الصلح ضرورة تنفيذ وعد بريطانيا للصهيونيين بمقتضى عقد دولى رسمى في أقرب آن.

         ثم ان وضع خليط من المهاجرين لا وطن لهم بل معظمهم من الروس والالمان (وكل صهيونى العالم يتكلمون الالمانية وهى لغتهم في اجتماعاتهم) سيكون بالطبع نقمة أبدية على هذه البلاد وبسبب التحاسد والغيظ من الهند الى بغداد فمصر فمراكش وكل امتياز يعطى للصهيونيين يحرك غيرة وحقد المصرى والبغدادى والسورى.

         وفى النهاية نود أن نعرف ماذا يقصد الصهيونيون في بلاد متألمة كفلسطين وهم فئة من خمسة عشر مليونا منتشرين فى خمسة أقطار المعمور لهم تجارة رابحة وثروة طائلة ومواهب معتبرة. فان كان قصدهم الاستيلاء على فلسطين وأخذها من أهلها وفصلها عن مجاوريها وعن بريطانيا العظمى وكان ذلك باغضاء بريطانيا الحكيمة وصاحبة الرأى السديد في السياسة فانا نرفع صوتنا إلى الانسانية محتجين على تحقيق هذا القصد وصوتنا لا ينقطع حتى يخرسه الموت وحينئذ سينضم إلى أصوات أبطال بريطانيا الذين أريقت دماؤهم في ثلاثة حروب تاريخية وقعت في فلسطين ويمتزج دمنا بدمهم ويصرخان سويا. العدل. العدل. العدل.


<2>