إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بحث فى أساليب الاعتقال والتحقيق والتعذيب التي تتبعها السلطات الإسرائيلية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 618 - 623"

فريق من الاخصائيين والخبراء في علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الجرائم، بالإضافة إلى اولئك الأشخاص الذين توافرت لديهم الخبرة العملية في التحقيق مع المواطنين العرب منذ قيام دولة إسرائيل.

التعذيب أثناء التحقيق
مع المعتقلين في سجون العدو

          أشرنا في الفقرات السابقة إلى ان السلطات الإسرائيلية تسعى جاهدة لضرب المقاومة العربية بشتى الوسائل والأساليب الإرهابية النازية. وبما ان إسرائيل تعمل على ضم الأراضي العربية التي احتلتها بعد حرب الخامس من حزيران (يونيو) عام 1967 تحت شعار إسرائيل الكبرى، فهي تعتقد بضرورة اخضاع المواطنين العرب في الضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان تحت سيطرتها منتهجة أسلوب الترغيب والإغراء تارة، والتهديد والوعيد تارة أخرى. غير أنه أصبح من الواضح انه فات إسرائيل ان تقدر حق التقدير ان اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من ديارهم وسلبوا ممتلكاتهم ووطنهم وعاشوا طوال فترة العشرين عاما على فتات ما تقدمه وكالة الغوث الدولية من قوت ومأوى، قد هيأوا جيلا يحمل السلاح وشعار المقاومة ضد الاحتلال والصهيونية ولاسترداد الوطن السليب. وأصبح حمل السلاح والانخراط في سلك الفدائيين شرفا عظيما ينتظم تحت لوائه الفلسطينيون من سكان المخيمات وكذلك المقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق المحتلة عام 1948.

          ولقد استعمل الإسرائيليون كافة الوسائل للتفريق ولتمزيق وحدة المجتمع العربي في مدن الضفة الغربية وقراها، وجندوا بعض العملاء وقوى الأمن لمتابعة الاجتماعات والحركات التي ينظمها أبناء فلسطين، ونتيجة لهذه المتابعة زجت سلطات العدو بالألوف من الشباب والفتيات في السجون، واتخذت احكاما متنوعة بعد عقد المحاكمات الصورية.

          وتعرض المواطنون إلى أشكال متنوعة من التعذيب والتنكيل على أيدي أناس لا يعرفون معنى للإنسانية ولا يدرون شرف الدفاع عن الوطن والذود عن الكرامة.

          ولكي نوضح الأساليب البشعة التي تتبعها السلطات الإسرائيلية في تعذيب المواطنين في السجون فقد اهتمت هذه الدراسة بتسجيل تفاصيل التعذيب كما رواها المواطنون الذين أبعدوا عن منازلهم إلى الضفة الشرقية.

          والهدف من السجن والتعذيب كما تبين من خلال الوثائق والحقائق التي أفضى بها الأخوة الذين أمضوا فترة زمنية تمتد إلى عدة أشهر في سجون إسرائيل هو:

          أ - تحطيم الشخصية وإذلال المواطن العربي الحر.

          ب - التعذيب النفسي عن طريق رفع الشهية إلى أعلى حد ممكن.

          جـ - عملية غسل الدماغ أو تنظيف العقل الباطن حتى فقدان الذاكرة ثم محاولة تثبيت الدعاية الصهيونية في تفكير المعتقل.

مراحل التحقيق والتعذيب

          ويمكن تقسيم أساليب التعذيب في السجون إلى أربع مراحل يمر بها المعتقل، كل مرحلة لها خصائص ومميزات.

المرحلة الأولى

          تبدأ المرحلة الأولى في سجن المنطقة التي يقيم بها المواطن الحر بعد اعتقاله بالطريقة التي أسلفنا ذكرها.

          ويبدأ التعذيب باستعمال الطرق البدائية المعروفة، ويقوم المحقق أو المسؤول في مركز الشرطة أو السجن باستجواب المعتقل وحثه على الاعتراف الفوري والتحدث معه بنوع من اللين، مستخدما الجوانب العاطفية والثناء على المعتقل وإبراز خصائصه ومقومات وذكر تاريخ حياة المعتقل وأهم نشاطاته المختلفة وذلك لإقناع المعتقل بأن لدى السلطات الإسرائيلية المعلومات الوافية عن حياته وعن نشاطه السياسي، وما عليه الا الاعتراف طالما ان السلطات تعرف كل شيء عنه. وبعد ذلك يأخذ المحققون في تهديد المعتقل بنسف منزله والتنكيل بأفراد أسرته وعائلته والقضاء على حياته اذا أصر على عدم الادلاء بأية معلومات، وفي هذه المرحلة يسعى المحققون جاهدين لتحطيم شخصية المعتقل والنفاذ إلى مواطن الضعف لإيجاد مداخل إلى النفس البشرية، وعلى ضوء استنتاجاتهم يحددون نوع الأدوات التي سيستعملونها في المراحل التالية من التعذيب.

المرحلة الثانية

          ينقل المعتقل إلى سجن آخر ويكون عادة سجن المسكوبية بالقدس، وقد خصصت السلطات الإسرائيلية هذا السجن لعمليات تعذيب الشهية لدى المعتقل، ويقصد بالشهية أو (الانا الهو) على رأي سيغموند فرويد وهى تلك الأمور والحاجات الأساسية من ضرورات الحياة مثل المأكل والملبس والمشرب والنوم والجنس. وتعذب الشهية لدى الانسان عن طريق منع الأكل والنوم والشرب والراحة والضرب وشد أطراف الجسم وتمرير التيار الكهربائي على الجسم والرأس والتعرض لحالات جنسية مهيجة.

          ولا بد من التفصيل في أنواع التعذيب المختلفة في هذه المرحلة:

التعذيب الجسمي

          يتخذ التعذيب الجسمي للمعتقلين عدة أشكال نورد منها ما جاء على لسان المعتقلين الذين كانوا موضوع الدراسة، والذين طردتهم السلطات الإسرائيلية وأبعدتهم بالرغم من  

<3>