إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بحث في أساليب الاعتقال والتحقيق والتعذيب التي تتبعها السلطات الإسرائيلية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 618 - 623"

         وذلك لان القوى الجسمية والمقدرة على المقاومة تضعف تدريجيا أمام التعذيب المتواصل والتعرض إلى مواقف قد يكون لها تأثير سلبي على صموده بحيث يتحمل المزيد من آلام الضرب والشد والإرهاق والجوع.

المرحلة الثالثة

         اذا أصر المناضل المعتقل رغم المرحلتين السابقتين على عدم الاعتراف أو الادلاء بأية معلومات تفيد العدو، واذا ما شعرت السلطات الإسرائيلية بان جميع المحاولات السالفة الذكر لم تحقق النتائج المترقبة، فانهم ينقلون المناضل المعتقل إلى سجن صرفند، وفي هذا السجن يتركز توجيه التعذيب إلى العقل الباطني بالإضافة إلى التعذيب الجسماني.

         والجدير بالذكر ان المعتقل الذي يساق إلى سجن صرفند من سجن نابلس أو رام الله أو المسكوبية، يكون معصوب العينين، وتحتوي العصابة على مساحيق كيمائية لها تأثير على استنزاف الماء من أعين المعتقل. وعندما تفك العصابة يتساقط الماء (بحجم كوب) ويكون مصدر الماء الدموع التي تذرفها العينان والتي ترتبط بالأعصاب المتصلة بالدماغ.

         يدخل المعتقل إلى غرفة ضيقة قذرة وملطخة بالدم، ويمنع من الأكل والشرب لمدة 24 ساعة، تقدم له وجبة مؤلفة من قطعة صغيرة من الخبز الجاف وحبة بندورة وكمية قليلة من الزيتون.

         ومن الأساليب المتبعة في إثارة الرعب والخوف في نفس المعتقل استخدام الكلاب والتهديد بالرمي والقتل. عندما يخرج المعتقل من زنزانته وهو معصوب العينين ( وذلك خوفا من رؤية المعتقلين الآخرين في الزنزانات المجاورة ) يتعرض لهجوم من الكلاب المدربة التي تقفز على صدره. وبعد ذلك يقاد إلى ساحة خارج السجن ويتعرض نفسيا للقتل رميا بالرصاص اذا لم يعترف. واذا أصر المناضل ان لا شيء لديه ليعترف به، فان المعذبين الإسرائيليين يقودونه إلى مكان فيه حفرتان مما يعد لدفن الموتى، وتكون في الأولى دمية تشبه الرجل مغطاة باستثناء الرأس والقدمين، ويقولون للمعتقل ان هذا الرجل قتل بالرصاص لانه لم يعترف، وسيكون مصيرك مثله ويطلقون الرصاص على الحفرة الأولى، وينطلق صوت رجل أخر مختبئا بجوار الحفرة الأولى، ويظن المعتقل بأن الرصاص أصاب الرجل (الدمية) الممددة في تلك الحفرة. وبعدها يجبر المعتقل على ان يتمدد في الحفرة الثانية وهو معصوب العينين، ويقوم جندي بإطلاق الرصاص في الهواء وعلى جانبي الحفرة ليوهم المعتقل بانه يطلق الرصاص عليه، وبعد ان ينتهي الجندي من إطلاق الرصاص ينهض المعتقل، ويقول له الجندي هذه المرة لم نقتلك ولكن اذا لم تعترف ففي المرة الثانية لا مفر لك من الموت، وتعاد الكرة مرة أخرى وثالثة ثم يعود المعتقل إلى زنزانته اذا لم يعترف.

         ويلجأ المحققون الصهاينة بعد ذلك إلى التحقيق مع المناضل المعتقل بواسطة التحليل النفسي الجرائمي، اما بواسطة شراب بارد بعد منع الماء عن المعتقل مدة من الزمن، ويكون الشراب إما توتا أو برتقالا أو ليمونا يحتوي على كميات من المواد الكيمائية التي تلعب دورا هاما في تخدير المعتقل.

         وهناك طريقة أخرى يتبعونها وهي الحقن، حيث يعطى حقنة في العضل لها نفس المفعول مثل الشراب المخدر. وتساعد هذه العقاقير على وضع المعتقل في حالة يفقد فيها السيطرة على العقل الخارجي في حين ان العقل الباطني لا يزال نشيطا. ويقدر المحققون انه في خلال ساعتين من تناول المخدرات يحصلون على الاعتراف الكامل من المعتقل، ويقومون في الفترة المتبقية، وهي مدة تتراوح ما بين 22 ساعة و44 ساعة، بعملية غسل دماغ حيث يقوم المحللون النفسانيون بتلقين المعتقل أفكارا جديدة تستهدف بجوهرها إقناع المعتقل بالتخلي عن كافة المحاولات التي يقوم بها المناضلون، وان لا فائدة ترجى من أعمال المقاومة، وان الدول العربية برمتها غير قادرة على مقاومة إسرائيل، وان لإسرائيل عملاء في جميع الدول العربية حتى بين كبار الشخصيات، وان العرب لن يتمكنوا من التغلب على إسرائيل مهما حاولوا، وان الفدائيين لا يستطيعون تحرير فلسطين حيث ان الجيوش العربية النظامية برمتها فشلت في تحقيق هذا الهدف، إلى غير ذلك من الأفكار التي تقلل من قيمة العمل الفدائي والمقاومة الشعبية وجدواهما.

         وتهدف عملية غسل الدماغ إلى تكوين عقل باطني جديد للمعتقل حسب رغبات المحققين النفسانيين وأهوائهم، وتتم العملية بواسطة المحقق النفساني بمعدل ساعة كل ساعتين أو بواسطة المسجل ولنفس المدة المذكورة.

         ولا بد لنا من الإشارة في هذا الصدد بأن التحليل النفسي للمعتقلين قد حرم دوليا، وتأخذ الدول المتقدمة كلها بهذا المفهوم، ولا تطبق التحليل النفساني للمعتقلين مهما كانت دوافع السجن والاعتقال. أما السلطات الإسرائيلية فانها كالعادة لا تكترث بالقوانين الدولية أو الإنسانية المحضة.

         والسبب في تحريم التحليل النفسي للمعتقلين هو المضاعفات التي تلحق بالمعتقل بعد التحليل، فربما يصاب المعتقل بمرض عقلي أو يفقد ذاكرته ولا يستفاد منه في المحاكمة، ويصبح بعد ذلك عالة على المجتمع ويفقد المنطق

<5>