إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير اللواء جعفر نميري عن المساعي التي بذلها وفد الملوك والرؤساء العرب في الأردن

          وفي نفس المعنى تحدث إليهم الشيخ سعد العبد الله، ثم تحدث إليهم السيد الباهي الأدغم، وقال لهم إن ما يجري هذا مخطط إجرامي يقومون بتنفيذه نيابة عن إسرائيل. إنها حرب إبادة للشعب الفلسطيني، وإن اللجنة لا يمكن أن تتحمل مسئولية كهذه. وكذلك تحدث إليهم الدكتور رشاد فرعون، وبعد ذلك تحدث إليهم السيد فاروق أبو عيسى في نفس المعنى، وكان حديثه بتكليف مني. وطلب منهم أن يبلغوه للملك حسين، كما طلب منهم ان يلغوا على الفور القرار الذي صدر بنقل العقيدين السودانيين ودون استشارتنا إلى منطقة أربد. وكذلك طلب منهم أن يبلغ الملك حسين إنني بوصفي رئيساً للجنة قررت رفع تقرير عاجل للملوك والرؤساء في القاهرة موضحاً لهم الوضع بأسره والخرق المستمر لاتفاقية وقف إطلاق النار من جانب السلطة الأردنية، في وقت لم يجف فيه مداد الحبر الذي كتبت به الاتفاقية. وانهم يواصلون الضرب والتقتيل على العزل والأبرياء دون شفقة أو رحمة، وأن الملك حسين يتحمل وحده المسئولية الكاملة عن كل هذا.

          وتبع هذه المحادثات من الأعضاء مع القيادة العامة بدقائق ضرب مكثف موجه لمقرنا بسفارة الجمهورية العربية المتحدة، استمر دون انقطاع، مما سبب قلقاً ويأساً بالغين دفعاني على الفور للاتصال شخصيا بالملك حسين وأبلغته خطورة الموقف والخطر الذي كان يتهدد حياة أفراد اللجنة، بل أسمعته دوي الرصاص على التليفون، فسكت وقال إنني سأقوم بالواجب الآن. وبعث إلينا باللواء محمّد خليل نائب رئيس الأركان، وأحمد طوقان رئيس الديوان، وزيد بن شاكر نائب مدير العمليات، وزهير مطر مدير الأمن، الذين تحدثوا إلى إدارة العمليات العسكرية بالتليفون من مقرنا وطلبوا وقف إطلاق النار فوراً لأنهم قد شاهدوا بنفسهم ما يجري، ولم يستطيعوا دخول السفارة إلا بعد ان غيروا سياراتهم وركبوا سيارة مصفحة.

          ومن الأشياء المستغربة ان القصف علينا قد وقف بسرعة خيالية بعد اتصالهم مع مدير العمليات. وهذا يؤكد لنا إنه مخطط قصد به إجبارنا على الرحيل فوراً.

          ويؤكد أيضاً أن المزاعم التي كانت تقولها السلطات الأردنية من أن إيقاف ضرب النار يجد صعوبة، والصعوبة في توصيل الأوامر والتعليمات إلى الجنود في المناطق المختلفة، وهذا يأخذ وقتاً طويلاً. هذا أيضاً قد أكد لنا أن التعليمات تصل للجنود بسرعة، وأن سلكية القيادة جيدة للغاية في الجيش الأردني.

          وبعد وقف إطلاق النار علينا بقليل، بدأ بصورة أخف، وكنا نسمع دوي الرصاص من جميع نواحي عمان، والدخان يتصاعد من معظم أماكنها.

          وفى طريقنا إلى المطار البارحة من السفارة، كنا نركب سيارة مصفحة. وأيضاً من الأشياء المستغربة أن الجيش أطلق علينا الرصاص على هذه السيارة، فقررنا أن نبلغ هذه الحادثة مع الحوادث الأخرى إلى مؤتمر الرؤساء والملوك وقد فعلنا.

<9>