إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مذكرة الاشتراكيين اللبنانيين إلى الأحزاب في لبنان وإلى حركة المقاومة الفلسطينية حول الوضع في لبنان
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 127-129"

يتفق ومصالح النظام والتخلص من ارتباطاته، ويغيب عن المفاوضين الفلسطينيين ان كل التفاصيل والمكاسب انما يتم تقريرها في الواقع لا على الورق، وانما على الجبهة السياسية التي هي الآن ساحة الجنوب التي تستميت السلطة من أجل إبقاء زمامها في يدها، وابقاء التوازن العام فيها لمصلحتها.

          ما العمل اذن؟

          منذ فترة طويلة نسبيا - وبالتحديد منذ دخول المقاومة إلى لبنان - طرح اليسار اللبناني جملة من الشعارات لخصت جواب هذه القوى على الاحتمالات التي لا بد ان تنجم من جراء انتقال المقاومة إلى الجنوب: الملاجئ، لجان الدفاع المحلي (مؤخرا) مع اشارات غامضة أحيانا لضرورة بلورة مطالب اجتماعية بهدف اعطاء المعركة طابعها الاجتماعي: مطالب مزارعي التبغ مثلا.

          ورغم مضي هذه الفترة وما استجد من تطورات كشفت من الملامح الحقيقية للوضع وعن معنى هذه الشعارات وشروط تحقيقها - التي يتعلق القسم الأعظم منها بسلوك وخط المقاومة الفلسطينية - فما زلنا حتى الآن نقتصر على تكرار الطرح المجرد دون أي تعديل.

          لكن، هل ما زال هذا الشكل من الطرح الوحيد الجانب كافيا ومقبولا؟ ينبغي في رأينا ان تؤخذ الحقائق الواردة في أول هذا التقرير بعين الاعتبار فاذا ما تم ذلك تبينت عدة أمور:

          اولا: اصبح واضحا، أكثر من أي وقت مضى، ما لموقف المقاومة في الجنوب وخططها وممارساتها اللبنانية من دور حاسم ومقرر على كل النضال اليساري في الجنوب اللبناني على الأخص. لم نعد أمام " تمايز" يفسح المجال أمام كل طرف لتطبيق خطته وتحليله، بل نحن أمام تمايز لا يكفي ان نعترف به نحن حتى يسير على ما يرام. ان سياسة المقاومة تنعكس بكل ثقلها على الطرف اللبناني، واذا ما استمرت المقاومة الفلسطينية في عملياتها مثلا، واستمر النزوح وظلت الحكاية مسألة تحين فرص عربية لتوطيد بضعة مواقع وتعزيز مركز سياسي فان الجنوب سائر لا محالة إلى الشلل التام (مما يفقد كل الشعارات المطروحة مبرر الطرح والتكرار الممل! )، كما ان المقاومة اذا ما استمرت في منطقها ولم تغير وجهة نضالها الرئيسية بحيث تصبها على الوضع السياسي والمادي في الجنوب، واذا ما بقيت على تلكئها فان النتيجة واحدة أيضا ولا تنفع كل الشعارات في تعديلها، خاصة وان إمكانات اليسار السياسية والمادية (القوى، الحماية، الوسائل) لا يمكن ان تكفي وحدها ولو افترضنا اقتناع المقاومة بتأجيل " تفجير الثورة " إلى ظرف مناسب، ان هذه الامكانات  لا تكفي ولن تكفي لشن معركة على مستوى الجنوب تصل فيها المقاومة ومعها اليسار إلى توطيد مواقعهما وطرد السلطة تدريجيا من الجنوب (حملة بناء ملاجئ في كل القرى. بدايات تنظيم مقاومة شعبية محلية وتوزيع أسلحة مع حملة دعائية مركزة تهدف إلى إحراج السلطة والهجوم عليها في أضعف مواقعها).

          ثانيا: ينتج من ذلك ان الطرح - بمعزل عن النضال مع المقاومة الفلسطينية بكافة الوسائل المناسبة لتوفير شروطه المادية (الحماية، وزن المقاومة السياسي، الأموال) والسياسية (برنامج عمل سياسي وطني) لا يعني شيئا البتة.

النتائج:

          1 - ضرورة القيام بتحليل شامل لوضع النضال الوطني في الجنوب على ضوء ما تقدم وبلورة خطة محددة يناط تنفيذها بعمل مشترك بين المقاومة الفلسطينية وقوى اليسار اللبناني. ( برنامج عمل سياسي لبناني فلسطيني ).

          2 - تعميم هذا التحليل ونتائجه بقدر ما تسمح الظروف، على مختلف الأوساط اليسارية والوطنية، وكذلك على قيادات المنظمات الفدائية سواء في لبنان ام في الخارج، ونشره في المجالات العلنية المتوافرة بما فيه من انتقادات لسياسة المنظمات الفدائية وتصورها باعتبار ان القيام بهذه المهمة هو أشد أهمية وأولوية من أية محاولات يائسة لتنفيذ شعارات لا نملك من وسائل تنفيذها شيئا يذكر.

          3 - بالاجمال، المباشرة ببناء علاقات متكافئة مع المقاومة لا تستبعد النقد العلني اذا كان ذلك ضروريا بحيث يستطيع اليسار اللبناني ان يؤكد استقلاليته وتمثيله الجماهير الوطنية اللبنانية تمثيلا صادقا في كل ما يتعلق بمصالحها - التي لا تتعارض مطلقا مع مصالح الثورة الفلسطينية في نهاية المطاف - وبحيث يتحرر المناضلون اليساريون والوطنيون في كل مكان من تبعة أخطاء المنظمات ومن عقدة العلاقات الذيلية التي لا مبرر لها ولا يجوز تكريسها مهما كلف الأمر ومهما كانت الظروف.

          بذلك فقط نقوم بدورنا كيسار حقيقي ونؤكد موقفنا المستقل والمبدئي ونعطي لمفهوم "التمايز" دلالاته ومغزاه العملي.

خطة دفاعية للجنوب:

          في ضوء ما تقدم يمكن رسم الخطوط التالية لخطة دفاعية في الجنوب يتم تنفيذها من جانب منظمات المقاومة الفلسطينية، والقوى اليسارية اللبنانية معا:

          اولا: يستفاد من تجربة الأشهر الأخيرة في الجنوب ( الهجوم الإسرائيلي على عيترون، كفر كلا، قصف بنت جبيل، الخيام، غارات الطيران على العرقوب) ما يلي:

          1 - نزوح عشرات الآلاف من ابناء القرى الأمامية، مما يهدد بإفراغ هذه القرى وبالتالي إرباك مخططات

<2>