إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



بيان حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان حول "مؤامرة الحل السلمي"
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 598 - 599"

بيان حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان حول
"مؤامرة الحل السلمي".

 

بيروت، 26/7/1970

 

(الأحرار، العدد 692،
بيروت، 31/7/1970، ص9)

       يا جماهير شعبنا العربي،
       منذ فترة غير قصيرة سارت الترتيبات والخطوات من أجل فرض الحل السلمي على الأمة العربية في خط تصاعدي. فالمباحثات التي تجري هنا وهناك، والمفاوضات والاتصالات كلها تجري من أجل الحل السلمي ولصالح القوى المؤيدة له والراغبة فيه. وفي نطاق الإعداد للمؤامرة الكبرى تم توزيع الأدوار على الحكومات والقوى العربية وغير العربية. ففي المغرب مثلا يقابل الملك الحسن الصهيوني ناحوم غولدمان وسط صمت عربي تام عن هذه الخيانة، وفي المشرق تتحرك الجبهة السورية بعد جمود طويل في معارك محدودة النطاق، عالية الضجيج، لكي يستطيع القطريون بفضلها قبول الحل السلمي قبول الأقوياء والمنتصرين لا قبول المهزومين والعاجزين.

       ان الذين قاموا ويقومون بهذه الأدوار المختلفة في الظاهر، والمتفقة في الحقيقة والواقع، هم الذين قبلوا بالحل السلمي قبل قرار مجلس الأمن، أي منذ ان قبلوا بوقف إطلاق النار في حرب حزيران (يونيو). ولقد كان بإمكان هؤلاء الاستمرار في الحرب والاعتماد على الإمكانيات اللا متناهية للأمة العربية. الا ان هذا الطريق كان ينطوي على مخاطرة ومجازفة بأنظمتهم، فضحوا بمصلحة الأمة العربية في سبيل المحافظة على أنظمتهم وأشخاصهم.

       ولتبرير هذا التخاذل فقد قيل ان العدوان كان هدفه اسقاط الأنظمة العربية لا التوسع، فظهر بعد ثلاث سنوات ان هدف اسرائيل والاستعمار كان التوسع والمحافظة على النظام لأنه ليست هناك غير هذه الأنظمة تستطيع ان تضمن لإسرائيل تحقيق أهدافها التي هي الصلح أولا، والتوسع ثانيا، وتثبيت التجزئة نهائيا ثالثا.

       ان الاستسلام لمؤامرة الحل السلمي انما هو نهاية مرحلة من مراحل الثورة العربية في بداية سيرها المتعثر المتردد. انه ادانة لمرحلة زمنية كاملة وللعقلية والنظرة التي سادت المرحلة، وليست ادانة لأشخاص أو لحكم أو لنظام بالذات الا بمقدار تعبيرهم عن هذه العقلية والنظرة. وبالتالي فان التحليل المطلوب لهذه المرحلة، يجب الا يستهدف تسجيل الأخطاء لطرف من أجل تحقيق مكاسب سياسية وحزبية لطرف آخر، وإنما غايته جلاء الموقف على الطريق الذي ينقذ المستقبل.

       ان الروح الوطنية والقومية لو كانت متحققة إلى حد جيد في مستوى القيادات والحكومات لوجب ان يفرح الذين غلبتهم ظروفهم وظروف واقعهم واضطرتهم إلى القبول بما لا يحقق الأهداف القومية، اذ رأوا القوى الثورية تندفع لمتابعة النضال، ولكان واجبهم ان يسهلوا عملها ويشيدوا باخلاصها وبصحة سيرها بدلا من ان يحاولوا بكل الوسائل ان يخمدوا صوتها وحركتها، ويخفوا عن الأمة العربية وجود طريق غير الطريق الذي اختاروه، أو بالأصح غير الطريق الذي سلكوه، وإمكانيات نضالية أكثر من التي استطاعوا تعبئتها.

       انها نهاية المرحلة القطرية في تاريخ الثورة العربية، نهاية العقلية القطرية التي كثيرا ما تلتبس بعقلية الانقلابات الفوقية التي تضع الوصول الى السلطة في رأس القيم وتتوقف عند حدود الأساليب الإصلاحية بسبب قفزها السريع الى السلطة الذي لم يسبقه بناء للنضال الثوري، وسرعان ما تتحول السلطة الى غاية في حد ذاتها يكون الإصلاح مجرد ستار وتبرير لها هذه العقلية القطرية التي تتجاهل ليس ضرورة تحقيق الوحدة العربية فحسب، وإنما وحدة الأعداء والأخطار ووحدة المصير العربي كواقع لا يحتمل الجدل، فتعتبر ان انسحاب جيوش العدو من أراضي أقطارها الى حدود 1948 يشكل هدفا وطنيا من حيث انه ضمانه للاستقلال القطري متجاهلة ماذا يعني بقاء اسرائيل في قلب الأمة العربية والأرض العربية وتحالفها الدائم مع الاستعمار ومصالحه الآثمة في طول البلاد العربية وعرضها عندما تنهي حالة الحرب ويضمن الاستقرار.

       انها نهاية مرحله العقلية القطرية والعقلية الإصلاحية

<1>