إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) بيان حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان حول "مؤامرة الحل السلمي"
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت، مج 6، ص 598 - 599"

الفوقية اللتين ليستا في الواقع الا شيئا واحدا واسمين لمسمى واحد، عقلية الالتهاء أو بالأصح عقلية إلهاء الجماهير بالبناء والتعمير. فالبناء والتعمير التخطيط القطري يتجاهل أمرين خطيرين، وحدة الأخطار الاستعمارية الصهيونية، ثم وحدة النضال العربي المتكافئة مع تلك الأخطار. ان مشاريع التنمية والبناء مهما تكن ناجحة، فإذا لم توضع منذ البداية في اطار التخطيط والإعداد لمواجهة الأخطار الاستعمارية والصهيونية المهددة للوجود العربي وكوسيلة من وسائل مواجهة هذه الأخطار والتغلب عليها، أي كوسيلة لبناء النضال الجماهيري العربي الموحد بناء يضمن الاستمرار والنمو المتزايدين، فان قصة التنمية والتعمير تتحول ألى الهاء وتضليل طالما ان وجود إسرائيل ومن ورائها الاستعمار يستطيع ان يضرب، في ايام، جهود البناء في عشرين عاما.

         يا جماهير شعبنا العظيم،
         ان الأمم تهزم في الحروب والمعارك، فإذا كانت فيها مقومات الحياة وإذا كانت مؤهلة لأن تعي وتستوعب أسباب هزيمتها فتتغلب عليها في وقت قصير أو طويل. ولكن الهزيمة التي لا نهوض منها ولا أمل في التغلب عليها، الهزيمة التي لا تقتصر على ان تكون شيئا وقع وحدث في الماضي بل تتحول الى شيء دائم ومتجدد، هي تلك التي تلبس لباس النصر وتطلى بطلاء القتال والاستبسال لكي يسهل قبولها وتمر خدعتها. هذا ما يطالب الشعب العربي بأن يقاومه ويضع له حدا حاسما. وقد يتطلب الإعداد للنصر الأخير معارك قاسية وسنين طويلة شريطة ان يبدأ ذلك بالصدق والنظر الواضح الصافي. اما البداية بالتعمية وقلب الحقائق وتسمية الأشياء بعكس حقيقتها فهي بداية لا تقدر ان تلد أي نصر.

         ان أمتنا بحاجة في هذا الظرف المصيري إلى ان تتزود بأعلى درجة من الوضوح والعمق والموضوعية في نظرتها الى حاضرها ومستقبلها، وبحاجة ايضا الى استلهام ماضيها الحضاري العريق، وحاضرها الثوري المليء بالتضحيات والبطولات التي قدمت فيه ملايين الشهداء في ثورات جسدت الفضائل الأساسية للإنسان العربي وللإنسان الثائر بصفة عامة، والتي يجب ان تتسلح بها اليوم لرفض الاستسلام.

         ان أوضاع الحل السلمي يجب ان تقاوم بكل الطرق، بفضح العقلية التي أوصلت الى الهزيمة والحل السلمي الذي هو تثبيت وتمكين للهزيمة، وبحماية المقاومة الموجودة وتعميقها وتوسيع افقها وتوحيد قواها حتى تكون هي الرد على العقلية التي اوصلت الى الهزيمة ولم تتوقف عند ذلك الحد، بل استمرت تحاول تثبيت الهزيمة وفرضها على الأجيال المقبلة.

         انه في حين يراد لمستقبل امتنا ان يدفن، ولامكاناتها النضالية ان تقبر، نتيجة تآمر البعض وقصر نظر البعض الآخر من الذين ظلوا أسرى النظرة الإصلاحية والإقليمية، فان المطلوب هو متابعة النضال وتوحيده وإنقاذ المستقبل العربي والإمكانيات اللا متناهية التي تكفل لهذا النضال ان يستمر سنين طويلة وأن يتسع حتى يشمل الأرض العربية من الخليج الى المحيط.

         فلنشدد النضال لدحر المشاريع والسياسات الاستسلامية، وليكن ردنا على هذه المشاريع ضربات قوية موجهة لمصالح الإمبرياليين والصهاينة والرجعيين في وطننا العربي.


<2>