إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) بيان السيد كميل شمعون، الرئيس الأسبق للبنان، حول مقترحات بورقيبة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 340 - 343"

تستعصي على كل حل. ولو عاد الرئيس بورقيبة الى ذاكرته واستعاد ذكرياته الشخصية لأيقن ان الغلبة تواكب الحق، مهما صال الباطل وجال، وان التمسك المستميت بالاهداف الوطنية وملاحقتها باية وسيلة كان الكفيل دائماً ببلوغ هذه الاهداف.
        ومن هنا نرى كيف تمكن العرب من استعادة شواطئ البحر الابيض المتوسط بعدما احتلها الغرب قرنين كاملين. كما افلحت الشعوب التشيكية واليوغسلافية في التاريخ الحديث في بناء دول مستقلة بعدما نسفت الامبراطورية النمساوية الحرية من جذورها وكيف ازدهر البلقان بدول حديثة بعدما قاسى من الحكم العثماني طوال اربعة قرون. وكيف نهضت فنلندا من كبوتها الطويلة والقت عنها نير القياصرة. وكيف عادت الالزاس واللورين الى الوطن الام. واخيراً كيف بقيت بنزرت تونسية.
        ونود ان نسأل الرئيس بورقيبة: هل يعتقد بان الشعوب العربية ستقبل مقترحاته التي نعتها بالحلول الحكيمة ؟ ولماذا يريد ان يفرق بين الحكمة والعدالة وهما في الاساس رفيقتان متلازمتان ؟ لماذا يريد ان يستهدي بالحكمة، بعد فوات الاوان، مع العلم ان الامم المتحدة لو استوحت الحكمة عندما اتخذت قراراتها عام 1947 لكانت احجمت عن التقسيم؟  لماذا يطلب من العرب، كما طلب سواه من قبل، أن يستسلموا الى تلك الحكمة التي كان  من مقتضياتها، دائماً وابداً، الرضوخ لمشيئة القوى وبالتالي التنازل عن حقوقهم المرة تلو الاخرى؟
      نحن لا نتهم بورقيبة بسوء النية او بسلوك طريق المزايدة ليظفر بعطف الدول الغربية ومساعدتها فقد يكون عذره - اذا جاز العذر - ان الرئيس التونسي يجهل بعض نواحي كارثة فلسطين. وعلى كل حال، فمهما اتسع اطلاعه، فقد ظل معزولا عنها ولم يرافقها منذ نشأتها. وهو لم يتألم لفداحة الظلم الذي حل بشعب آمن لم يطالب الا بحقه المشروع بحياة حرة كريمة في وطنه، ولم يحس، بالتالي، باليأس والقنوط الشديدين اللذين احدثهما استيلاء شعب غريب على ارض ارتوت بفيض من دم المواطنين العرب، جيلا بعد جيل، وباتت محط امالهم وامانيهم، ولم يشاهد بام العين، كيف اقدمت اكبر هيئة عالمية، بتأثير دولة معينة، على تجزئة بلد بكامله، بغية اشباع مطمع الصهيونية الغادرة.
      ولكن اذا اعتبرنا ان الرئيس التونسي قد سبب بعض الاضطراب الفكري الذي شغل الرأي العام العربي في الآونة الاخيرة، فانه لمن الافتئات على الحق والحقيقة ان نلقي على عاتقه وزر النتائج المخزية التي انتهى اليها مؤتمر القاهرة الاخير: وبعبارة اوضح نقول ان فشل هذا المؤتمر وفشل اي مؤتمر عقد في الماضي وسيعقد في المستقبل يعود الى:
         اولا - ان جميع الحكومات العربية لم تكن دائماً صريحة فيما يتعلق بمستقبل فلسطين وبشكل يبدد كل تأويل وتفسير. فتارة كان بعض هذه الحكومات ينكر، في مجال    

<2>