مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
7- مفاوضات سنة 1930 (النحاس- هندرسن)- تابع (4) حديث دار بين هندرسن والنحاس بدار المفوضية المصرية
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954 " المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 354- 358"

مستر هندرسن- إن ما وقع فى السودان فى السنوات الأخيرة لا يزال ماثلا فى الأذهان. وكذلك التصريحات التى صدرت عقب ذلك. يقيدنا تمام التقييد لا سيما تصريحات رئيس الوزراء مستر ماكدونالد عندما كان وزيرا للخارجية ورئيسا للوزارة فى سنة 1924 لقد وضع أساس سياستنا فى السودان. وقد سئلت فى البرلمان عما إذا كنت مرتبطا بها فأعلنت ارتباطى بها وقبولى لها.

النحاس باشا- لقد صدرت تلك التصريحات فى وقت لم تكن فيه مفاوضات. فالروح التى أوحت بها غير الروح التى تحرك المتفاوضين فى وضع أساس الاتفاق. كما أنه لا يجوز مطلقا أن تحرم مصر من حقوقها الثابتة الحيوية بسبب حوادث فردية ارتكبت وأثبت القضاء براءة مصر وزعمائها منها.

مستر هندرسن - وماذا عساى أن أقول للبرلمان. وهذه التصريحات لا يزال يتجاوب صداها فى أنحائه؟

النحاس باشا- نحن الآن بصدد تسوية المسائل كلها. فلا يجوز أن يقوم أمامنا عائق من التصريحات التى صدرت فى ظروف وتحت مؤثرات خاصة. وإذا كنتم تتمسكون بتصريحاتكم الأخيرة فهل لمصر أن تتمسك بتصريحات ساسة الإنجليز وكبرائهم فيما يختص بالجلاء إذ قد صدر لمصر منها ما يزيد على الستين عهدا. وهذه جيوشكم لا تزال فى بلادنا فهل لنا أن نتمسك بهذه التصريحات كما تتمسكون بتصريحاتكم.

مستر هندرسن- أنا فى الواقع إنما أشير إلى تصريحاتى فى البرلمان فقد أعلنت أكثر من مرة أن مسألة السودان ستظل خاضعة لاتفاقيتى سنة 1899 ثم إنى مرتبط بالمادة الواردة عن ذلك فى مقترحاتي وكيف أفسر تعديلها على الوجه الذى ذهبتم إليه؟

النحاس باشا- إن كل ما نريده هو عدم الإشارة مطلقا إلى اتفاقيتى سنة 1899 لأنهما ممقوتتان فى مصر كل المقت. ومع ذلك فهاتان الاتفاقيتان تنصان على إعطاء إنجلترا نصيبا فى إدارة السودان ومادتنا تشير إلى وجوب اشتراك الطرفين فى إدارة السودان فأى فارق هنالك بين الأمرين؟ إن مصر لم تعترف باتفاقيتى سنة 1899 ولم تقبل فى يوم من الأيام النتائج التى ترتبت عليهما وكل ما نرجوه الآن أن يشترك المتعاقدان فى الإدارة اشتراكا فعليا إلى أن توضع اتفاقات جديدة فأى غضاضة فى ذلك؟ وأى ابتعاد فيه عن روح المقترحات فيما يختص بمسألة السوادن ؟

مستر هندرسن- وماذا تقصدون تماما بعبارة الاشتراك الفعلى؟

النحاس باشا- نقصد بذلك رفع القيود الموضوعة على حرية المصريين بالنسبة للسودان. أى حرية الهجرة إليه وحرية الإقامة فيه وحرية التملك كذلك ثم جعل الإدارة السودانية فى أيدى المصريين والإنجليز على السواء.

<3>