إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
(تابع) 8 - محادثات (إسماعيل صدقي - جون سيمون)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 446 - 454"

         وتوجه المستر رونالد إلى القنصلية صباح اليوم الذي حضر فيه السير جون سيمون إلى جنيف وقال لعفيفي باشا إن السير جون خصص لي مساء يوم 21 وأنه يقبل عن طيب خاطر دعوته لتناول العشاء.

         وبعد ظهر يوم 21 أبلغ سير جون عفيفي باشا أنه قد يسره أن يحضر هذه المأدبة المستر إيدن الوكيل البرلماني لوزارة الخارجية والموجود بجنيف لمؤتمر نزع السلاح، وهذا يدل صراحة على أن الوزير يرغب في أن تصطبغ المحادثة بصبغة شبه رسمية، مما أرضاني بعض الشيء لما ستتخذه تلك المحادثة من صفة أكثر جدية.

         وقد أقيمت مأدبة العشاء في صالون خاص بفندق البرج، وحضرها علاوة على شخصي وعفيفي باشا كل من السير جون سيمون، والمستر إيدن، والمستر رونالد - ونظرا لما يتصف به الساسة البريطانيون من حب التكتم الشديد دفعني ذلك إلى عدم دعوة حضرة صاحب المعالي فخري باشا إلى هذه المأدبة لأن حضور مصري ليس له اتصال بموضوع المفاوضات قد يجعل الوزير الإنجليزي أشد تحفظا، وهذا لا يتفق والغرض الذي رميت إليه، وقد شرحت ذلك لفخري باشا فسلم بوجهة نظري ووافق عليها.

         ولم تبدأ المحادثة السياسية إلا بعد تناول العشاء. وكنت فكرت أن أبدأ الحديث أول الأمر ولكن السير جون سيمون قد سبقني إليه، فقال إنه سعيد بالتعرف على رجل من رجال الدولة عرف اسمه في لندن مشفوعا بشهرة الرجل الإداري، وله سمعة ذائعة كرجل مالي، وكرجل أمكنه إعادة النظام في بلده وأضاف إلى ذلك بأن قال إن تقارير السير برسي لورين تتضمن ما يفيد ذلك والسير برسي يعد في إنجلترا بين الرجال الدبلوماسيين الذين يحررون تقاريرهم بأكثر ما يمكن من الوضوح والجلاء.

         فشكرت للسير جون حسن تقديره، وذكرت له أني قبل الدخول في الموضوع الذي يشغلني يهمني أن أدلى إليه بتصريحين، الأول هو شكر الحكومة المصرية للقرار الذي اتخذته أخيرا وزارة الخارجية الإنجليزية في صدد مسألة كوبون الدين العمومي - أما الثاني فهو الاعتراف بالجميل لممثل حكومة بريطانيا العظمى في مصر السير برسي لورين لما يتصف به من السجايا والذي كان لسياسته الرشيدة ومجهوده الشخصي أبعد الأثر في توثيق عرى الروابط بين بلدينا.

         وقد شكرني على العبارات الموجهة إلى شخص السير برسي، ذاكرا أنه يقدر فيه هذه الصفات، وقال فيما يتعلق بمسألة الدين إنه ليس ملما بالموضوع كل الإلمام نظرا للفترات القصيرة التي أمضاها بلندن في الأيام الأخيرة، وهذا ما لم يستطع معه أن يخصص للمسألة المصرية إلا الوقت الكافي فقط للاستعداد للمحادثات التي قد تتم بينه وبيني، وأضاف إلى ذلك بأن قال إنه سيهتم شخصيا بمسألة الدين العمومي بمجرد عودته إلى لندن.

<2>