إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
(تابع) 8 - محادثات (إسماعيل صدقي - جون سيمون)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 446 - 454"

        وقد بينت له عندئذ أنه يخيل لي أن هناك قرارا قد اتخذ في هذا الصدد لأن المندوب السامي بالنيابة قد أبلغ الحكومة المصرية بهذا القرار ولكي أترك في نفسه الأثر الذي أريده أبديت له الملاحظة التالية: إن مصر توجد في الواقع في حالة غريبة بعيدة عن العدل كل البعد - فبينما تحول الدول الغنية ديونها وتدفع أقل مما عليها، وفي الوقت الذي تمتنع فيه الدول الفقيرة عن الدفع - يطلب إلى مصر وحدها أن تدفع أكثر مما عليها. ولقد أظهر كل من السير جون والمستر إيدن في جلاء أن هذا الدليل قد أثر فيهما وأنه غير قابل للنقد.

        وهنا وجهت الحديث إلى صلب المسألة السياسية وتكلمت طويلا فيما لا يخرج معناه عن المذكرة المرافقة بهذا، والتي كنت أعددتها من قبل بقصد تسليمها إلى السير جون سيمون عند نهاية المحادثة (1).

        وهنا تناول السير جون الحديث وبدأ بما يأتي: "لا تعتقدوا أن المسألة المصرية تعتبر من المسائل الثانوية بالنسبة لنا. بل إنها ذات أهمية كبرى. ويسرنا لو أتيح لنا حلها كما هي الحال في جميع المسائل التي تهم الإمبراطورية. نعم وإن كانت المسألة المصرية ليست بشائكة كما تقول ولكن الفضل يرجع إليك في توطيد النظام في مصر، وأن الأمور تجري في مجراها الطبيعي وأن علاقاتنا معكم على أحسن ما تكون".

        وعلى سبيل المزاح - لأن المحادثات مع الإنجليز مهما كانت جدية يجب أن يتخللها شىء من التفكهة - قلت للسير جون "إني مسرور بما ذكرته لي. لأني خشيت أن ما يسود مصر من الهدوء قد ينقلب عليها. ذلك على عكس ما جاء بالمثل القائل. سعداء تلك الشعوب التي ليس لها تاريخ" ولقد ضحك كثيرا هو ووكيل وزارته من هذا المثل الذي تعمدت ذكره.

        وهنا دخل في صميم الموضوع في لهجة جدية مبتدئا قوله بما يأتي:

لقد تحدثوا فعلا عن عدم صلاحية النظام القائم في مصر الآن للتفاوض معنا. غير أن ما ذكرته الآن في هذا الصدد هو معقول جدا. كما وأن تقارير السير برسي تؤيده - ولذا فيمكنني أن أقول لك على الفور إنه لم تعد هناك أية صعوبة في المفاوضة مع حكومة صدقي باشا - بل إن الأمر على عكس ذلك فقد يسر بريطانيا العظمى أن ترى إمضاءكم ممهورة على اتفاقية. لأننا نعرف الآن الشخص الذي نتعامل معه وأن قيمة الاتفاقية، كما تقول، تقدر بقيمة من يقوم على تنفيذها، ولقد سرني ما علمته في هذه المناسبة من السير برسي أن الملك يرغب أيضا في هذا الاتفاق وأنه يؤيد سياستكم وأنك متمتع بثقته. وهذه العوامل نعتبرها دليلا حسنا وبشير نجاح.


        (1) وقد يكون من الأوفق قبل الاسترسال في قراءة هذا المحضر أن تأخذ علما بالمذكرة وإلا كان من الصعب متابعة المحادثة.

<3>