إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
(تابع) 8 - محادثات (إسماعيل صدقي - جون سيمون)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 446 - 454"

7 - وهناك عاملان من شأنهما أن يسهلا إلى حدّ بعيد عملية التمهيد هذه:

 

(أ)

أن أغلب المسائل التي ستدور حولها المناقشة - إن لم تكن كلها - قد تم الاتفاق عليها مبدئيا في المفاوضات السابقة، فإذا ما أعيد النظر فيها فإنما يكون ذلك لاستزادة الدقة في تدوينها.

 

(ب)

يمكن الشروع في محادثات مفيدة ذات صبغة شبه رسمية بالقاهرة بين رئيس الحكومة المصرية والمندوب السامي البريطاني فهذه المحادثات تتيح للطرفين فرصة زيادة التفاهم في جو أكثر هدوءا. يلائم الظروف الملابسة التي قد تطرأ عند البحث ويجعلنا من جهة أخرى نوفر على انجلترا وقتا قد تفضل تخصيصه لمسائل أكثر أهمية.

        8 - وقد يتساءل البعض عن المصلحة المباشرة في إجراء مفاوضات على وجه السرعة، أليست البلد في هدوء؟ ألا تتولى أمورها أداة مصلحية موفقة؟ ألا تسير العلاقات البريطانية المصرية في انسجام ووئام بفضل سعي حكومة ترسمت لها خطة صون الصداقة بين البلدين؟

        9 - كل هذا مقطوع بصحته، إلا أن تلك النتائج السارة التي لم تجن اليوم إلا بعد جهود متواصلة وكفاح داخلي مضن ستكون، إذا ما أبرمت المعاهدة، النهاية الطبيعية لحالة دائمة مستقرة. وقد يغيب عن ذهن الوزير أن الحالة الراهنة تستغلها أحزاب المعارضة في مصر وتقيمها دليلا على عدم الاستقرار السياسي. فتشط في سياستها كل الشطط.

        10 - إلا أنه بصرف النظر عن هذه الاعتبارات، وعلاوة على أن كل المسائل المحتفظ بها في تصريح 28 فبراير سنة 1922 (1) من شأن التمادي في تأخير حلها أن يتسبب عنها في كل لحظة - وقد وقع ذلك فعلا - مواقف يؤسف لها. لا يكون من الميسور تفاديها إلا باتباع سياسة رشيدة حكيمة فإن هناك من المصالح المادية والأدبية ما لا تحتمل الإبطاء.

        11 - وأخص بالذكر بادئ ذي بدء مسألة الامتيازات. وهي مسألة خطيرة، فمن تحصيل الحاصل أن نطيل في تفصيل عواقبها الوخيمة في نمو مصر ماديا وأدبيا، تلك العواقب التي قد تحققت الحكومة البريطانية نفسها من مضارها من زمن بعيد، فالاتفاق الذي قد يبرم مع بريطانيا العظمى يجب أن ينص فيه على أنها ستستعمل ما لها من نفوذ لدى الدول صاحبات الامتيازات ليحل نظام جديد أكثر ملاءمة لمصر محل النظام الحالي الذي تقر بريطانيا العظمى بأنه أصبح لا يتفق وروح العصر الذي نعيش فيه وحالة مصر الحاضرة. ومن ثم فكل إرجاء للاتفاق يعرضنا إلى استمرار حالة لم يعد لنا قبل على احتمالها، وعلاوة على ما تقدم فإن إلغاء قيود الامتيازات


       (1) هذا التصريح لم يخرج عن أنه تسوية وقتية لحالة كانت في الواقع حالة أزمة سياسية حقيقية. وكان في نية الحكومة البريطانية نفسها أن يعقب التصريح عاجلا اتفاق نهائي بين البلدين وقد انقضت عشر سنوات ولم يخرج الاتفاق إلى حيز الوجود.

<7>