إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



بعد معاهدة سنة 1936
2 - مفاوضات سنة 1946 (صدقي - بيفن) - تابع (14) مذكرة الوفد المصري إلى الوفد البريطاني

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 520 - 525"

        ومع ذلك فقد اضطر الوفد المصري إلى أن يلاحظ من البداية ميلا من الجانب البريطاني إلى عدم الاكتفاء بمعاهدة من طراز المعاهدات التي تبرم بين الدول المستقلة، بل اضطر أن يلاحظ أن الجانب البريطاني يميل على العكس إلى الاحتفاظ بشكل أو بآخر بالشروط الاستثنائية المأخوذة من معاهدة سنة 1936 والمستوحاة من روح ظلت سائدة خلال سنوات طويلة.

        ولقد اقترح الجانب البريطاني على التوالي، النزول، بطريق الإيجار طويل الأجل عن جزء من الأراضي المصرية، واستبقاء التشكيلات الجوية في منطقة القنال على وجه مستديم، وإنشاء قواعد عسكرية إدارية في مصر تحت الإشراف البريطاني، ووضع مركز قيادة عامة (متحالفة) في منطقة القنال لتنفيذ تدابير الأمن التي تتصل بالشرق الأوسط كله، واستخدام فنيين عسكريين بريطانيين لمدة غير محدودة، وأخيرا، تكوين لجنتين مختلطتين ليستا استشاريتين لتنفيذ بنود المعاهدة، واحدة لأركان الحرب. والأخرى في مستوى الوزارات.

        وفضلا عن ذلك، طلب الوفد البريطاني أن تتمكن الجيوش البريطانية من الدخول بحرية في مصر، وأن تتمتع فيها بكل التسهيلات في حالة مجرد التهديد بالحرب أو في حالة طارئ دولي يخشى أمره. وأخيرا قدم الوفد البريطاني مشروع اتفاق عسكري لم يكن سوى طبعة معادة من معاهدة سنة 1936.

        ولم يكف الوفد المصري خلال المناقشات عن أن يبين بوضوح أن هذه المقترحات التي تستوحي الروح التي كانت سائدة في سنة 1936، تتعارض تعارضا صريحا مع المبادئ. التي ينبغي أن تكون أساسا للمعاهدة، وهي المبادئ التي قبلتها الحكومة البريطانية ذاتها، وذلك فضلا عن كونها لا تطابق مبادئ ميثاق الأم المتحدة.

        ولقد حارب الوفد المصري هذه المقترحات التي نزل عنها الجانب البريطاني أخيرا.

        وكان لزاما على الوفد المصري أن يسلك هذا المسلك اليقظ. وخاصة لأنه لم يلمس في الجانب البريطاني، خلال المفاوضات، رغبة. بغير تحفظ. في احترام استقلال مصر. ومثال ذلك ما تجلى من الضباط البريطانيين - في المحادثات بين الخبراء العسكريين للوفدين - من ميلهم إلى اعتبار مصر القاعدة الوحيدة للدفاع عن الشرق الأوسط. وكذلك توفرت لدى ضباطنا دلائل بأن هيئات أركان حرب بريطانية هامة ينبغي لها أن تبقى على اتصال بمنطقة قنال السويس.

<2>