إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (7) محضر محادثة بين وزير خارجية مصر والسفير البريطاني في 8 يوليه

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 606 -611"

كان يمكن في أثنائها عمل الكثير لتقوية الجيش المصري وكذلك في أثناء الحرب نفسها حينما كانت الأسلحة تتدفق من أمريكا وفقا لقانون الإعارة والتأجير وتعطي لروسيا. وكذلك بعد الحرب إذ كانت هناك بقايا أسلحة كثيرة كان من الممكن أن تستفيد منها مصر ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. وأخشى أن أقول إنه لم يحصل لأن الجانب البريطاني لم يكن يرتاح في الماضي لأن يرى مصر قوية. أي إن الثقة كانت منتفية من هذه الناحية وانتفاء الثقة هذا هو الذي عقد الأمور حتى وصلت إلى المأزق الحالي.

        ويخيل إلى أن عامل انتقاء الثقة أيضا، وعدم الرغبة في أن تأخذ مصر المكان الذي تستحقه كدولة لها إمكانياتها الكثيرة من النواحي المادية والمعنوية كان هو السبب أيضا في السياسة التي اتبعتها بريطانيا في السودان لأن مصر المستقلة الفتية القوية المتحدة مع السودان يمكن أن تتبوأ مكانا مرموقا في الشرق الأوسط على رأس كتلة قوية من الدول العربية وفى علاقات طيبة وطيدة مع الكثير من الدول الإسلامية والشرقية. وهذا على ما يظهر لي لم تكن ترتاح إليه السياسة البريطانية وإذا كان هذا التغيير الذي أعربتم عنه قد حدث في السياسة البريطانية بالنسبة لمسألة الدفاع التي ترتبط بها مسألة الجلاء. فأرجو أن يكون قد حدث تغيير مماثل له بالنسبة لمسألة السودان.

        ولكي أستكمل الصورة أود أن أشير بصراحة إلى مسألة ثالثة وهى مسألة إقامة إسرائيل في جانب مصر. يجب أن أقول لك في إخلاص وصراحة إن الشعور العام هو أن بريطانيا قد أقامت هذه الدولة على حدودنا لتكون شوكة في جانبنا وخطرا يتهددنا لكي لا تخلو مصر إلى الاهتمام بتقوية نفسها واستغلال مواردها واحتلال مركزها الدولي اللائق بها.

        السفير البريطاني - من المحزن أن أرى إلى أي مدى بلغت قلة الثقة.

        دكتور محمد صلاح الدين (بك) - أظنكم سواء استطعتم موافقتي على ذلك أو لم تستطيعوا توافقوني على كل حال أن قيام إسرائيل وهو ما انتهت إليه سياسة بريطانيا الخاصة بوعد بلفور قد أصبح من المشاكل الكبرى التي تشغل بحق بال مصر وبال الدول العربية وتهدد السلام في الشرق الأوسط وتترك آثارا دامية في صورة مشكلة اللاجئين.

        هذه هي أهم الأسباب النفسية والمنطقية والسياسية التي أفضت إلى أزمة العلاقات الحالية بين مصر وبريطانيا ويمكن تلخيصها في سوء الظن وانتفاء الثقة. ولا يستطيع منصف أن يلوم مصر على هذه الحالة، فإذا كنتم حقا قد وطدتم أنفسكم على قطع الصلة بالماضي فلن يحدث ذلك الأثر المطلوب إلا إذا قطعت هذه الصلة قطعا تاما بالجلاء الكامل الناجز وبالمبادرة إلى تزويد الجيش المصري بكل ما يلزمه من سلاح وعتاد وإمداد مصر بكل ما يلزمها لاستكمال معدات الدفاع عن نفسها والتسليم بصفة عملية بوحدة مصر والسودان والكف عن كل عمل يراد به فصم هذه الوحدة فإذا تم ذلك فإني أؤكد لك أن جو العلاقات المصرية البريطانية سينقلب من النقيض إلى نقيضه فيصبح على أتم صفاء ويسود الثقة والاطمئنان والتعاون بين البلدين.

<5>