العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (8) محضر محادثة بين وزير خارجية مصر وسليم في 13 يوليه 1950
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 611 - 615"

        والذى أرجوه من سعادة الفيلد مارشال أن لا ينظر إلى الموقف على ضوء الحقائق العسكرية البحتة وحدها وأن ينظر أيضا إلى الحالة النفسية التى أعتبر أنها تدخل فى الواقع بقسط كبير فى العوامل العسكرية التى يتعين على قائد عظيم كالفيلد مارشال سليم تقديرها ولا شك أن سعادته يوافقنى على أن مصر الراضية المطمئنة إلى نيات بريطانيا العظمى بعد الجلاء تستطيع أن تقوم بنصيب فى الدفاع عن نفسها وخدمة قضية السلام المشتركة أو فى بكثير من النصيب الذى يمكن أن تقدمه مصر الساخطة التى تشعر بأن هناك مساسا بسيادتها واستقلالها. بل أنا لا أستطيع أن أتصور كيف يمكن أن يقوم أى تعاون فى هذه الحالة. لقد سبق أن أوضح لكم رفعة النحاس باشا أننا راغبون فى الدفاع عن بلادنا وأننا نقبل أن نكون حلفاء على أن يسبق ذلك الجلاء. ومن المستطاع إذا خلصت النيات وقبل هذا الأساس. أن يتوفر لمصر فى بلادها كل وسائل الدفاع والاستعداد وأن تقدم لها بريطانيا العتاد اللازم للوصول إلى تلك الغاية حتى إذا وقعت الحرب وعادت الجنود البريطانية فى هذه الحالة وفقا للمحالفة أمكن أن تقوم مع القوة المصرية بما يستلزمه الدفاع.

        والذى أعتقده بإخلاص وأرجو أن توافقوننى عليه هو أن تأكيدنا بأن مصر عازمة على الدفاع عن نفسها وأنها تقبل تحالفا مع بريطانيا يجب أن يكون كافيا لاطمئنان بريطانيا، وبناء عليه يحسن أن نشرع على الفور فى سد النقص فى وسائل الدفاع وفى استعدادات الجيش المصرى دون أن يضيع الوقت الثمين.

        وإذا كانت حوادث كوريا ذات دلالة فى هذا الصدد فدلالتها الكبرى من وجهة نظرى هى أنكم تأخرتم كثيرا فى إمداد الجيش المصرى بالأسلحة اللازمة له ولو تم ذلك منذ زمن بعيد - وقد كان مستطاعا - لاختلف الموقف الآن ولما وجدتم أى سبب تبدونه لبقاء القوات البريطانية فى مصر.

        والواقع أن هناك حلقة مفرغة يجب أن نضع حدا لها فمصر تطلب الجلاء وأنتم من جهتكم لا تريدون الموافقة على ذلك، ومن أجل هذا لا تمدون الجيش المصرى بالسلاح اللازم له ويبقى الجيش المصرى ضعيفا وتبقى لكم حجتكم فى استمرار بقاء القوات البريطانية فى مصر. ولو أنكم بدأتم من نقطة الابتداء التى تمليها أحوال مصر الداخلية وهى توطيد النفوس على جلاء القوات البريطانية جلاءا ناجزا لكان معنى ذلك أنكم تجدون مصلحة فى المبادرة إلى تجهيز الجيش المصرى بالسلاح اللازم له.

<3>