إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - (12) محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 632 - 639"

بلا استثناء. ولمصر ردها عليه في جميع هذه المفاوضات فلا حاجة بي الآن لأن أطيل في تكرار الأسباب التي من أجلها تجد مصر نفسها عاجزة عن أن تقبل هذا السبب. ولكني ألاحظ أنكم انتهيتم في سنة 1946 إلى قبول الجلاء الكامل برا وبحرا وجوا. وقنال السويس إذ ذاك هو قنال السويس اليوم، ويمكن على كل حال أن نرد على ما قلتموه بعبارة بسيطة جدا. وهي أن مصر أمة مستقلة وعضو معكم في هيئة الأمم المتحدة على أساس المساواة في السيادة وهي تعتبر بحق أن وجود قوات لكم في أرضها مهما تكن صفتها مخل بسيادتها فلها كل الحق في أن ترفض هذا الإخلال، وأن تحتج عليه مهما تكن أهمية قنال السويس الاستراتيجية بالنسبة لكم. فاستقلال مصر أغلى عندها وعند الشعب المصري بأسره من هذه الأهمية الاعتبارية التي تعلقونها على القناة. على أن قنال السويس لم تعد له هذه الأهمية السابقة من الناحية العسكرية. ودليل ذلك أن أكثر حركة النقل إلى الشرق الأقصى كانت في أثناء الحرب العالمية الأخيرة تمر من رأس الرجاء الصالح ذلك فضلا عن إمكان تعطيل الملاحة في القنال وقتا طويلا إذا ألقيت عليه قنبلة من القنابل الذرية. ومن هذا كله يمكن أن يقال إن مصر نفسها هي مطلبكم الحقيقي لا قنال السويس وحده. وأنتم في كثير من الأحيان لا تنقصكم الصراحة فتعددون المزايا التي من أجلها تطلبون بقاء قواتكم فيها كسهولة المواصلات وتوفر مواد التموين ووجود اليد العاملة إلخ. وهي صراحة مستحبة أفضلها هذه النغمة القديمة التي تعودون اليوم إليها وأعني أهمية قنال السويس الاستراتيجية. أما المقارنة مع بناما أو غيرها فهي لا تجدي شيئا فقد تكون بناما قابلة للاحتلال الأمريكي. أما مصر فيرفض شعبها بإجماع آرائه أي أثر وأية صورة للاحتلال البريطاني.

          والواقع أن النظرية التي تقولون بها نظرية في غاية الخطورة وتؤدي إلى شيء من الفوضى في المعاملات الدولية. التي يجب أن تقوم على استقلال الدول وتساويها في السيادة. لا على سيطرة بعضها على بعض رضي أو أبى. لمجرد وجود المصلحة. وهذه النظرية يمكن أن تؤدي إلى أن تطالب كل دولة كبيرة الدول الصغيرة التي تقع في طريق مواصلاتها بأن تكون لها عندها قواعد دفاعية ومهما تكن أهمية قنال السويس بالنسبة إليكم فإننا نستطيع أن نضرب أمثلة عديدة مشابهة على أهمية الدول بعضها لبعض من الناحية الاستراتيجية. وأظنكم تقدرون خطورة النتائج التي تترتب على إطلاق هذه القاعدة الغريبة قاعدة احتلال الدولة التي تدعي وجود مصلحة لها عند غيرها من الدول الصغيرة ودون رضاها.

          أرجو أن لا تزعجكم هذه الصراحة فأنا إنما أرمي بها إلى أن أفهمكم مبلغ تعلق الشعب المصري بأن يفتح صفحة جديدة من العلاقات بينه وبينكم، صفحة أساسها نسيان هذا الماضي الذي كاد

<2>