إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (13) محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 640 - 645"

المصريين من السهل تدريبهم ولكن ذلك لا يمكن أن يتم في تسعة أشهر. فإذا بدأنا من الحالة التي عليها الجيش المصري الآن لا يمكننا أن نقوم بذلك حتى مع رجالنا في تسعة أشهر. وأود أن أقول إني أزمع بعد هذا الاجتماع أن أزور قواد الجيش يوم الأحد 21 الجاري وأسمع آراءهم في المقترحات المصرية المعارضة ثم نجتمع هنا ثانية يوم الثلاثاء وبعد ذلك سأبعث تقريراً إلى لندن.

         وإني أود أن أوجه نداء إلى الحكومة أن تنبه الشعب المصري إلى أخطار الموقف الحالي وإلى ضعف الجيش المصري. كما أود أن تقنعوا الشعب المصري بذلك فإن البلاد تكاد تكون عديمة الدفاع ولا ينجيها من أخطار الموقف سوى الدفاع المشترك وأخيرا أود أن أنبهكم إلى مسئولية مصر أمام الدول العربية إذ يحب عليها أن تكون البادئة في هذا الأمر ولا تصر على محاولة الوقوف بمفردها في حين أنه من الواضح جدا أن ليس ثمة بلد مهما بلغت قوته يستطيع الدفاع عن نفسه بمفرده.

         دكتور محمد صلاح الدين (بك) - لقد نقلتم المناقشة نقلا بارعا إلى قدرة مصر على أن تدافع عن نفسها بمفردها. وأنا أسلم لك كما سلمت فيما مضى باستحالة ذلك. بل لقد قلنا في مناسبات ماضية. وكررنا أن بريطانيا العظمى نفسها لا تستطيع بمفردها أن تدافع عن نفسها. وقال لنا الفيلد مارشال سير وليم سليم إنه لا توجد أمة تستطيع ذلك بمفردها. ولهذا فقد أبلغناكم من أول يوم أننا مستعدّون لعقد محالفة دفاعية معكم. ولكن توجد مسألة أخرى هي مسألة قواتكم الموجودة في مصر والتي لا يستطيع الشعب المصري بحق، للأسباب الكثيرة التي أوضحناها ولا حاجة إلى أن نرجع دائما إليها، أن يقبل بقاءها في أرضه على أي صورة من الصور لأنه يجد دولا كثيرة أخرى معرضة لأخطار الحرب العالمية وقد يكون بعضها أكثر تعرضا لها من مصر. وكلها كما أسلفنا لا تستطيع أن تتولى وحدها أمر الدفاع عن نفسها. ومع ذلك فأنتم لا تحتلونها ولا يحتلها غيركم من الدول الكبرى، وإذا كنتم قد ضربتم لنا مثلا بهولندا فإني أستطيع أن أضرب لكم أمثالا كثيرة تؤيد ما أقول فالهند وباكستان وإيران وتركيا وأكثر دول أوربا الغربية لا توجد فيها قوات أجنبية كما توجد قوات لكم في مصر.

         أما ما تشيرون إليه في بعض الأحيان من وجود قوّات أمريكية في بريطانيا نفسها فقد سبق أن رددنا عليه بأن المقارنة لا تستقيم لوجود فوارق كثيرة فليس لأمريكا ماض في احتلال بريطانيا حتى ينظر الشعب بعين الكراهة والتوجس إلى هذا الاحتلال بل هو على العكس يرحب بهذه القوات. والدولتان في مستوى واحد من القوة والمركز الدولي بحيث لا يتصور أن إحداهما تعتدي على سيادة الأخرى. ووجود القوات الأمريكية عندكم رهين بقبولكم، فإذا أردتم في أي وقت جلاءها لبادرت إلى الجلاء، وليس الحال كذلك في مصر.

         وهذه الأسباب جميعها بالإضافة إلى تكرر وعدم بالجلاء وتكرر نقض هذا الوعد قد خلقت أزمة الثقة المستحكمة التي نعانيها في الوقت الحاضر والتي لا نستطيع التغلب عليها إلا بإزالة أسبابها

<2>