إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (13) محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 640 - 645"

أي بجلاء القوات البريطانية عن مصر جلاء تاما ناجزا. وإذا كان العسكريون يتسلطون في الوقت الحاضر بالنظر إلى أخطار الحرب فمن واجب العسكريين أنفسهم ألا يغفلوا في استعدادهم العوامل النفسية في الشعوب المختلفة. تلك العوامل التي قد تكون في بعض الأحيان أبعد أثرا وأشد خطرا من العوامل العسكرية المحضة. ومن واجب العسكريين أن يفهموا أن مصر الراغبة الواثقة الصديقة وإن لم يبق فيها جندي بريطاني واحد خير لبريطانيا ولقضية السلام العالمي من مصر الكارهة الغاضبة بفعل الاحتلال البريطاني في الماضي والحاضر، فإذا لم يفهم ذلك العسكريون. فمن واجب الساسة والدبلوماسيين أن يفهموا ذلك وأن يقنعوهم به.

         على أننا في هذه المحادثات الطويلة الدقيقة نقلب الأمر معكم على وجوهه العلمية من حيث الاستفادة بالقاعدة الموجودة في فايد وبمعدات الدفاع الجوي وحلول المصريين في كل ذلك محلكم وبقاء هذه الاستعدادات حية صالحة للعمل واستكمالها إذا اقتضى الحال بشرط أن يكون ذلك كله في أيدي المصريين ومع الاستعانة بالعدد القليل اللازم من الفنيين للمدة المعقولة التي لا تثير شبهات المصريين وتعيد إلى الأذهان فكرة الاحتلال. ويضاف إلى ذلك عقد المحالفة الدفاعية التي أشرنا إليها التي تبيح لكم ولحلفائكم الحضور إلى مصر بمجرد نشوب الحرب فتجدون معدات الدفاع اللازمة مستكملة فيها. وهذا هو جوهر وجهة النظر المصرية التي نعالج بها التوفيق بين جميع الاعتبارات أي أننا لا نغفل الناحية العسكرية مع العناية بالناحية السياسية التي لا يمكن لنا ولكم إغفالها.

         بقيت مسألة التكاليف التي تقتضيها استعدادات الدفاع وأنا لا أزعم لكم أن الميزانية المصرية تتسع لما تتسع له ميزانية الولايات المتحدة أو ميزانيتكم في هذا الشأن ولكن المسألة نسبية ومصر على استعداد لأن تبذل ما في وسعها في حدود طاقتها المالية. ولكن التضامن العالمي يجب أن يلعب دوره هنا كما هو الشأن بالنسبة لدول الأطلنلي أو لليونان أو لتركيا أو لإيران وبنفس القواعد والأساليب.

         لقد كررتم القول بأن على الوفد المصري وعلى الحكومة الحاضرة لفت أنظار الشعب إلى الخطر الشيوعي بإقناعه ببقاء قوات بريطانية للدفاع عن مصر وأود هنا أن أكون صريحا غاية الصراحة فألفت نظركم إلى أن الشعب الذي لمس في الماضي آثار الاحتلال البريطاني ولا يزال يشعر بأن هذا الاحتلال يمس سيادته واستقلاله من الصعب عليه أن يفهم في هذه الظروف ذلك الخطر المحتمل على حقيقته أي أنه يقارن بين أمرين: الاحتلال القائم فعلا وخطر محتمل يراد إقناعه به وبأن يدفع سيادته ثمنا لدرئه. وبديهي أن الوفد مهما كان تأثيره عظيما إنما يعرض نفسه لفقدان ثقة الشعب إذا حاول أمرا من هذا القبيل.

         وأخيرا يجب أن لا يغيب عنا أن أكبر سلاح تستغله الدعاية الشيوعية في مصر وفي جميع البلاد التي يحتلها الأجنبي هو هذا الاحتلال نفسه. والآثار الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت

<3>