إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (22) بيان وزير الخارجية المصرية في مجلس البرلمان يوم 6/8/1951
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 676 - 680"

        نعم يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين. إني أعلن من هذا المنبر العالي إخلاصنا الأكيد للمبادئ السامية والأهداف العظيمة التي قام عليها ميثاق الأمم المتحدة وللقرارات التي تصدرها هذه الهيئة وفقا له. ومن تمام هذا الإخلاص أن نرفض الاحتلال، ونصر على الجلاء، وأن نبادر إلى دحض هذه البدعة الأخيرة من بدع السياسة البريطانية. وأعني بها المسئولية التي يقول الإنجليز الآن بأنهم يحملونها في الشرق الأوسط بالنيابة عن دول الكومنولث وعن حلفاء الغرب بوجه عام فليس مهما بأن يدعي الإنجليز لأنفسهم في الشرق الأوسط من المسؤوليات ما يشاءون إذا كانت دول الشرق الأوسط نفسها لا تقرهم على ما يدعون.

        يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين. هذه هي وجوه الخلاف بين الحكومتين المصرية والبريطانية في مسألتي الجلاء والسودان. ويستتبع هذا الخلاف بالطبع خلافا حتميا آخر على معاهدة سنة 1936 فالإنجليز يتمسكون بها، ويدعون أننا لا نستطيع إلغاءها من جانبنا وحدنا. لأنها تمكن لاحتلالهم ومناوراتهم في السودان. أما مصر فإن سيادتها واستقلالها ووحدتها مع السودان أعز عليها من أن تقف في سبيلها معاهدة سنة 1936.

        ويعتمد الإنجليز في موقفهم من هذه المعاهدة على قداسة المعاهدات. وينسون أو يتناسون أن قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 14 أبريل سنة 1946 في شأن النزاع السوفييتي الإيراني صريح في أن وجود القوات الأجنبية في أرض دولة من الدول يسلبها حرية الاختيار في المفاوضات.

        ومن جهة أخرى فإن معاهدة سنة 1936 تنتهك قداسة معاهدتين دوليتين عظيمتي الشأن كبيرتي الخطر. هما من غير شك أولى منها بالتقديس والاحترام. وأعني بهما معاهدة القسطنطينية المعقودة في 21 أكتوبر سنة 1888، وميثاق الأم المتحدة الموقع عليه في 26 يونيو سنة 1945.

        الأولى سابقة في التاريخ على معاهدة سنة 1936. والثاني لاحق لها. والمعاهدة المذكورة تقف بينهما كما يقف الكافر في محراب الصالحين. فهي في جملتها وتفصيلاتها إخلال صارخ بمعاهدة القسطنطينية المتعددة الأطراف التي كان هدفها والدافع على عقدها المساواة التامة بين جميع الدول باستثناء الدولة صاحبة الإقليم فيما يتعلق بحق المرور في قناة السويس وما يستتبعه من التدبيرات والاحتياطات. وهي إخلال صارخ بميثاق الأمم المتحدة كما سبق البيان.

        فأي قداسة ترجى لمعاهدة عقدت تحت ضغط الاحتلال. وهي في حد ذاتها انتهاك قائم لقداسة المعاهدات والمواثيق.

        لقد كانت الحكومة المصرية يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين في حدود حقها الدولي حينما وعدتكم في خطاب العرش الأخير بإلغاء معاهدة سنة 1936 ولن يلقى خطاب العرش المقبل حتى تكون الحكومة بإذن الله قد أوفت بما عاهدتكم عليه من إلغاء هذه المعاهدة. إن العهد كان مسئولا.

<4>