إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



العودة إلى المفاوضات
1 - مفاوضات سنة 1950 - 1951 - تابع (27) بيان السفارة المصرية بلندن للصحف في 20 أغسطس 1951
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 685 - 687"

          وهذه العبارة الأخيرة لا تخلو من التهديد والتلويح بالالتجاء إلى القوى المادية إذا اقتضى الحال.

          أما فيما يتعلق بالسودان فقد جاء فى خطاب المستر موريسون:
          (هنا أيضا تعترضنا آراء مبتسرة تمنع الحكومة المصرية من تناول المسألة على نحو واقعى).

          وجاء فيه:
          (فالشعب السودانى - على الرغم من اختلاط أجناسه وأديانه - قد تقدم تقدما سريعا فى النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية بحيث أصبح قومية منظمة تعتمد على نفسها).

          ثم جاء فيه:
          (أما التصميم -كما يفعل بعض المصريين- على أنه ليس هناك فرق بين الشعبين السودانى والمصرى فليس إلا تجاهلا للحقائق. ومثل هذه الخطة لا يمكن أن تؤدى إلا إلى زيادة الصعوبة فى تحقيق التفاهم الوثيق. والاشتراك الوطيد اللذين يسرنا أن نراهما ينموان بين مصر والسودان).

          على أن أسلوب خطاب مستر موريسون وطريقة صياغته ليس لهما من الأهمية ما لمعانى كلماته وأهدافها. ولا شك أن كل مصرى يقرأ هذا الخطاب كاملا لا يمكن أن يخرج من تلاوته بغير نتيجة واحدة هى إصرار الحكومة البريطانية على الأمور الآتية:

          أولا - استمرار احتلال القوات البريطانية، لمصر.
          ثانيا - الدفاع المشترك فى وقت السلم.
          ثالثا - تبرير الأمرين الأولين بادعاء بريطانى جديد. هو أن بريطانيا تحمل مسئوليات فى الشرق الأوسط بالنيابة عن باقى دول الكومنولث، وعن حلفاء الغرب أجمعين.
          رابعا - إنكار وحدة مصر والسودان وهى الوحدة الطبيعية التاريخية المستندة إلى أقوى الدعائم القانونية. بل إلى تصرفات سابقة من بريطانيا نفسها كما حصل فى حادث فاشودا.
          خامسا - التفريق بين المصريين والسودانيين بشتى الحجج والوسائل واستخدام حكومة السودان -الثنائية اسما البريطانية فعلا- فى تحقيق هذا الغرض.

          وما أعمق الهوة بين هذا كله وبين حقوق مصر الوطنية وهى جلاء القوات البريطانية برا وبحرا وجوا. جلاء ناجزا عن مصر والسودان ووحدتهما تحت التاج المصرى.

          فإذا أضفنا إلى ما قدمناه أن خطاب المستر موريسون لم يكن الا خاتمة علنية للمباحثات الطويلة الشاقة التى ظلت جارية بين الحكومتين أكثر من خمسة عشر شهرا بذل فيها الجانب المصرى كل ما فى وسعه لتوفيق بين مصالح بريطانيا وبين حقوق مصر، ولإيجاد حل عملى لكل صعوبة، تبين بجلاء سخف الزعم القائل أن خطاب المستر موريسون لم يغلق باب المحادثات ومجافاة هذا الزعم للمنطق.


<2>