إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



من "الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني"1
إلى ضباط الجيش

          تعمد بعض الحكومات التي لا ترتكز على سند شعبي إلى اتباع سياسة تتعارض مع مصالح الشعب الحيوية وتتنافر مع مطالب فئاته الرئيسية رغم أننا نلاحظ أن أغلبية الشعب العظمى تقع فريسة ضائقة اقتصادية تحيط بها إحاطة تامة فتحيل حياتها ذلاً وقسوة ورغم ذلك تأبى هذه  الحكومات إلا أن تزيدها عنتاً على عنت وتحملها إرهاقاً فوق إرهاق.

          وقد مرت على الموظفين بمختلف طوائفهم محنة قاسية عام 1938 عندما عمد أحمد ماهر وزير مالية محمد محمود إلى خفض المرتبات عموماً دون اهتمام بصرخات الطوائف واحتياجاتها لكنه فشل مع الجيش حيث نجح مع الجميع وما كان ذلك إلا لاتحادهم وتعاونهم ووقوفهم في وجه الطغيان كالصخرة الصلدة لا تهن ولا تلين.

          وظلّت هذه الحكومات تتبع هذه السياسة الخرقاء حتى أُعلنت الحرب وطغت على العالم موجه الاتجاه نحو العدالة الاجتماعية وإنصاف المظلوم ونصرة الضعيف. وسرى الوعي بين أفراد الشعب، وعرفت مختلف الطوائف أن حقهم مغتصب وأن حقوقهم مهيضة فبدأوا يتكتكون ويتحدون للحصول على مطالبهم حتى تزيل عنهم قسوة العيش ومرارة الحياة والتقت معهم بعض الحكومات في منتصف الطريق فأعطتهم جزء من كل ونصفت بعض الطوائف دون الكل.

          وانتهت الحرب وواجه العالم مشاكل السلم وكان من أشدها تعقيداً هذه التي تتعلق بطبيعة الحياة ووسائل المعيشة فهبت الطوائف جميعاً من قضاء ورجال بوليس ومدرسين ومهندسين وعمال تطالب بحقوقها وتكافح في سبيل نيلها. ولما وقفت منها الحكومة الحاضرة موقفاً سلبيا يدل على التعنت والتجبر أضربت وأعلنت أنها لن تحيد قيد أنملة عن تنفيذ مطالبها. واضطرت الحكومة أن تنبذ موقفها السلبي إزاء تعاونهم واتحادهم وقوة تصميمهم.

          نالت معظم هذه الفئات مطالبها وبقي الجيش حيث هو فارتد من المقدمة إلى المؤخرة. فلم تعد مرتبات الضباط بالتي ترنو إليها الأبصار إزاء مرتبات رجال القضاء مثلاً وأصبح البعض يظل في


1 أوراق السفير جمال منصور، من الضباط الأحرار، أحد منشورات الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني.

<1>