إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



إنجلترا تعلن الحماية على مصر
(3) احتجاج الأمة المصرية على اعتراف مؤتمر الصلح بالحماية على مصر

"
وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة، ص 30 - 32"

(3) احتجاج الأمة المصرية
على اعتراف مؤتمر الصلح بالحماية على مصر


        أرسل سعد زغلول رئيس الوفد المصري في 12 مايو سنة 1919 عندما اعترف مؤتمر الصلح بالحماية على مصر الكتاب التالي:

        باريس في 12 مايو سنة 1919

        جناب مسيو جورج كليمنصو رئيس مؤتمر السلام بباريس.

        لم يشأ مؤتمر الدول المتحالفة المشتركة أن يطبق على مصر مبادئ الحق والعدل مع أنها جديرة بأن تعامل بمقتضى هذه المبادئ نظرا لما قامت به من المساعدة التي أدت إلى النصر- لم يشأ أن يسمع صوت مصر مع أنها كانت في مقدمة الدول التي أعلنت أنها في حالة حرب مع أعداء الدول المتحالفة وعانت أعظم الضحايا في سبيل قضية الحلفاء- لم يشأ أن يسمعها مع أنها بلاد غيرت الحرب مركزها السياسي، وقد اعترف المؤتمر بالحماية البريطانية بدون أقل مراعاة لرأي الأمة المصرية وبغير أن يعير أدنى التفات لقيام هذه الأمة بأجمعها في وجه هذه الحماية وإظهارها معارضتها لها بأجلى المعاني.

        إن العقل ليأبى إسناد مثل هذا القرار إلى المبادئ التي من أجلها خاضت الولايات المتحدة غمار الحرب والتي قررها الرئيس ولسن بعد ذلك لتكون أساسا للهدنة ثم للصلح، ولا إلى المبادئ التي أعلنت بريطانيا العظمى نفسها أنها تحارب انتصاراً لها، كذلك لا يجد العقل ما يرتاح إليه إذا صرف النظر عن هذه المبادئ واعتمد على تحكيم العوائد السياسية التي كان معمولا بها قبل الحرب، لأنه كيف يستطيع العقل البشري أن يفسر نيل الحجاز استقلالها وهي ولاية صغيرة وعدد سكانها لا يذكر، ومواردها ضيقة، لم تتحمل شيئا من أعباء الحرب. ومصر التي قامت بنصيب وافر منها، وعانت ما عانته في سبيل الفوز النهائي يكون نصيبها الرفض البات إذا طلبت أن يسمع صوتها؛ ثم يعقب هذا الرفض ضياع حقوقها المقدسة التي كسبتها بدماء أبنائها في ميادين القتال.

        لا يمكن التسليم بأن مصر التي اشتركت في أوائل القرن الماضي في إقامة صروح المدنية وساعدت تركيا في انتصارها الذي أدى إلى استتباب النظام في الحجاز بل وفي بلاد اليونان والتي قهرت تركيا نفسها في ميدان الحرب، يكون حظها أن تعامل بأقل مما عوملت به شعوب أفريقيا الوسطى وقد أصبحوا اليوم محلا لرعاية ما كانوا ليحلموا بها.

        ليس في العالم قاض نزيه يستطيع الاهتداء إلى سبب واحد مقبول للموقف الذي اتخذه المؤتمر إزاء القضية المصرية أو اتخذته بريطانيا العظمى نفسها، وهي التي استشهدت العالم أكثر من ستين مرة
<1>