إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



إنجلترا تفاوض مصر
تابع (1) تقرير اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر (لجنة ملنر)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة، ص 33 - 92"

        "يشق علي أن أخبركم أني مراعاة لصحتي وطوعا لأمر الطبيب لي بالسفر إلى الخارج لم يعد في استطاعتي مشاركة اللجنة في تشاورها وتداولها في أمور مصر.

        على أني أغتنم هذه الفرصة لأقول إني موافق تمام الموافقة على ما آلت إليه مداولاتها بوجه الإجمال إلى تاريخنا هذا، ومتحد معها في السياسة التي رسمت حدودها في مشروع الاتفاق الذي سلم إلى سعد باشا زغلول في شهر أغسطس الماضي".

        ولى الشرف يا مولاي اللورد أن أكون عبد فخامتكم الخاضع،

 

ملنر

(1)
عمل اللجنة في مصر

        كانت حكومة جلالة الملك تفكر في إرسال لجنة خصوصية إلى بر مصر منذ شهر أبريل سنة 1919 لما تفاقم القلق في تلك البلاد حتى ظهر بمظهر العنف والتعدي والإخلال بالنظام، وفى شهر مايو التالي أعلن أن لجنة كهذه ستسافر إلى بر مصر برياسة اللورد ملنر في فصل الخريف، فجاهر المصريون الوطنيون بعزمهم على تدبير ما يلزم لمقاطعة تلك اللجنة واشتد عزمهم هذا كثيرا باحتجاج محمد سعيد باشا رئيس الوزارة حينئذ على مجيء اللجنة قبل إمضاء عقد الصلح مع تركيا وازداد ذلك قوة وشدَة بعد استعفاء محمد سعيد باشا إثر إغفال احتجاجه فخلفه وهبه باشا على رياسة الوزارة، وظلت الوزارة الجديدة قابضة على زمام الأحكام مدة إقامتنا كلها بمصر.

        واستعفي وهبه باشا بعد ذلك لاعتلال صحته فحل محله توفيق نسيم باشا أحد زملائه في الوزارة وكان وزير الداخلية مدة إقامتنا بمصر. ويعسر على المرء أن يفي هذين الرئيسين وسائر رفاقهم الوزراء حقهم من المدح والإطراء على ما أبدوا من الشجاعة والغيرة الوطنية باستلامهم مقاليد الأحكام في زمن كانت فيه بلادهم تعاني شدة أزمة كهذه وكانت حياتهم مهددة بخطر دائم. ولا تزال وزارة توفيق نسيم باشا قابضة على زمام الأمور وأعضاؤها هم عين الوزراء الذين كانوا في وزارة وهبه باشا ما خلا وزيرا واحدا؛ فهي كسابقتها في أوصافها: وزارة أعمال مؤلفة من رجال إداريين أكفاء مقيمين على ولاء السلطان، ويديرون الأمور بالاتفاق مع المعتمد السامي البريطاني وليس لوزارتهم صبغة سياسية ولا هي ميالة إلى اتباع خطة مقررة في المسألة التي هي أم المسائل الحالية أي مسألة مستقبل مصر.

        فتغير الوزارة في مصر وأحوال أخرى أيضا أخرت سفر اللجنة إلى آخر شهر نوفمبر، ثم بلغنا بورت سعيد في صباح الأحد الموافق 7 ديسمبر ووصلنا إلى مصر القاهرة بعد الظهر من ذلك اليوم عينه، وكانوا قد اتخذوا جميع الاحتياطات للمحافظة على سلامتنا نظرا إلى روح العداء للجنة الذي اشتد في النفوس بالتحريض والإغراء. فبلغنا الفندق المعدَ لنزولنا فيه من دون أن يحدث حادث ما.
<2>