إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



الشّابيْن، أعفتهما من عقوبة الموت، تقديراً لظروف تلك الفترة، التي سادها اضطراب في النفوس بسبب القلق الوطني، ولم تمض إلاّ سنوات قليلة، حتى أطلقت حكومة الثورة - وكان من أعضائها الرئيس القتيل السادات نفسه - سراح هذين الشّابيْن، وهما الآن يتمتعان بحريتهما، ولم يسمع أحد عنهما سوءاً. ومما يجب ذكره هنا، أنه لم تقع، بعد ذلك العفو، أية جريمة مشابهة. فلم يُعتَد على قاضٍ حتى بمجرد اللفظ النابي، بما يقطع بأن الجرائم ثمرة الظروف العامة، والقهر والعنف، وسوء الأحوال.

          سيادة الرئيس
          إن دول العالم كلها ألغت، تقريباً، عقوبة الموت، ولا سيما ما يصدر في القضايا السياسية. ولكن الإسلام سبق هذه الدول جميعاً، بما قرره في شريعته السمحة، من أن وليّ الدم، يملك دائماً أن يعفو عن القاتل، مقابل دية يقتضيها وبغير دية. وقد حدث، فور اغتيال الفاروق، عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن طاش صواب ابنه حزناً على أبيه، وغضباً على قاتليه، فقتل اثنين أو ثلاثة من زمرة القاتل. هناك، تنادى صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجوب نفاذ الحدِّ في ابن الخليفة الثاني. ولكن عثمان بن عفّان - رضي الله عنه - قدّر الظروف السياسية المحيطة بالأمر، وقتذاك، فرفع الحدَّ عن ابن عمر، ودفع دية من بيت المال، وقال إنه وليّ الدم.

          يا سيادة الرئيس
          إن المادة 149 من الدستور، قد خوّلت رئيس الجمهورية حق العفو عن العقوبة أو تخفيضها. ونحن استناداّ إلى هذا النص، أي استناداً إلى قانون القوانين، نتجه إليك لتستعمل هذا الحق، في حالة، لا نحسب أن مصر شهدت حالة، تستوجب استعمال هذا الحق أكثر منها.

          فنحن أولاً في نطاق الدستور والقانون، حيث نلتمس منك العفو عن هؤلاء الشبان، الذين أثبتت وقائع الدعوى، أنهم مؤمنون بما فعلوا، فقد ظهروا، في أشدّ المواقف حرجاً، رابطي الجأش، حاضري الذهن، حسني التدبير. وهي أمور لا تتوافر لقاتل، إلاّ وهو يؤمن بأنه نذر نفسه ودمه وروحه لمثلٍ أعلى.

          ولا نحسب أننا نتجنى على الحق والواقع، إذا قلنا إن سيرة الرئيس السابق في الحكم، ولا سيما في السنوات الأخيرة، وتعطيله للحرية دفعة واحدة، وهي الحرية التي

<3>