إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
1 - مفاوضات سنة 1921- 1922 (عدلي- كيرزن)- (27) رد الوفد الرسمي المصري على مشروع الاتفاق
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 198- 200"

(27) رد الوفد الرسمي المصري
على مشروع الاتفاق بين بريطانيا ومصر
ــــــــ

          اطلع الوفد الرسمي المصري على المشروع الذي سلمه اللورد كيرزن إلى رئيس الوفد بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1921

          وقد رأى أن هذا المشروع يعيد لنا- فيما يتعلق بأكثر المسائل التي تناولتها مناقشاتنا والمذكرات التي تبادلناها منذ أربعة شهور- ذكر النصوص والصيغ بعينها التي عرضت علينا عند بدء المفاوضات ولم نقبلها حينئذ.

          فالمسألة العسكرية مثلا، وليست مسألة فوقها في الأهمية، قد استبقى المشروع فيها الحل الذي تصدّيناه أشد التصدي، بل قد توسع فيه بحيث أصبح أشدّ وطأة، ولعمري ليس في حماية المواصلات الإمبراطورية؛ التي قيل فيها في مفاوضات العام الماضي إنها العلة الوحيدة لوجود قوة عسكرية في القطر المصري، ما يبرر هذا الحل.

          على أنه؛ وقد كان يكفي أن تعين في منطقة القناة نقطة تنحصر فيها طرق المواصلات الإمبراطورية ووسائلها. كما تنحصر فيها القوة التي تتولى حمايتها؛ نص المشروع على تخويل بريطانيا العظمى الحق في إبقاء قوات عسكرية في كل زمان وفي أي مكان من الأراضي المصرية ووضع أيضا تحت تصرفها كل ما لدى القطر من وسائل المواصلات وطرقها وليس هذا إلا الاحتلال بعينه الاحتلال الذي يذهب بكل معنى للاستقلال، ويقضي على السيادة الداخلية نفسها وقد كفى الاحتلال العسكري في الماضي، ولم يكن إلا مؤقتا، لأن يجعل لبريطانيا العظمى المراقبة المطلقة على الإدارة كلها دون أن يحتاج في ذلك لأي نص في معاهد أو لإثبات أية سلطة له.

          أما مسألة العلاقات الخارجية، وهي المسألة الوحيدة التي عدلت فيها الصيغة الأولى لوزارة الخارجية البريطانية بأن سلم فيها بمبدأ التمثيل، فإن المشروع قد أحاط الحق الذي اعترف لنا به بقيود كثيرة كاد يصبح معها أمرا وهميا، إذ كيف يتصور أن تكون لوزير الخارجية في أعماله الحرية التي يقتضيها القيام بأعباء منصبه والاضطلاع بتبعاته إذا كان ملزما بنص صريح بأن يبقى على اتصال وثيق بالمندوب السامي. وبعبارة أخرى بأن يكون في الواقع خاضعا لمراقبته مباشرة في إدارة الأمور الخارجية وعدا ذلك فإن الالتزام بالحصول على موافقة بريطانيا العظمى على جميع الاتفاقات السياسية، حتى ما لا يتناقض منها مع روح التحالف، فيه إخلال خطير بمبدأ السيادة الخارجية، ثم إن استبقاء لقب المندوب السامي، وهو لقب لم تجر العادة بمنحه للممثلين السياسيين لدى البلاد المستقلة، أوضح في الدلالة على نوع النظام السياسي المقترح لمصر.

<1>