إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
5- مفاوضات سنة 1927- 1928 (ثروت- تشمبرلن)- (4) ملاحظات عامة على المشروع البريطاني

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 251-263"

(4) ملاحظات عامة على المشروع البريطاني

          كان الغرض من تصريح 28 فبراير سنة 1922 أن يعاد إلى مصر التي أعلن استقلالها حق التصرف من غير قيد في إدارة شؤونها إلا ما يرتبط منها بالنقط المحتفظ بها ولقد كفل محضر أول مارس سنة 1921 إيضاح هذه النقط. ولكن ذلك الإيضاح فضلا عن عدم كفايته لم يكن يقيد الوزارات التي تعاقبت بعد وزارتي في سنة 1922، والظاهر من جهة أخرى أن الحكومة البريطانية تعتبر نفسها في حل منه.

          وقد كان من شأن ذلك أن يقوم خلاف في الرأي في بعض المسائل التي رأت الحكومة البريطانية فيها أن من حقها أن تستشار فيها أو أن ترسم بشأنها الخطة الواجبة الاتباع. ولما كنت راغبا في وضع حد لتلك الاختلافات التي يترتب عليها تكدير العلاقات الحسنة بين البلدين. فقد فكرت في إمكان عقد محالفة. توضح وتحدد المسائل المعلقة إيضاحا وتحديدا وافيين. وتحصر ما للطرفين المتعاقدين. وما عليهما من الحقوق والواجبات فيتقى بذلك وقوع حوادث كالتي وقعت في يونيه الماضي.

          على أن المشروع البريطاني. والتحديد لا يتضمن دائما الإيضاح والتحديد المطلوب. وهو يستعمل بعض الصيغ المبهمة. التي لا تلبث أن تصبح عند العمل بها مثارا لمثل ما تعرضنا له حتى الآن من الصعوبات. وحيث يتضمن ذلك المشروع إيضاحا أو تحديدا. فإنه يرمي إلى جعل تصرفات الحكومة المصرية خاضعة لمراقبة تنافي، في شؤون كثيرة، ما تمتعت به مصر من حرية في السنوات الأخيرة. فلا يسع مصر إذن أن تتعزى بأنها- إذا جاءت المحالفة ببعض القيود لسيادتها- تستفيد في مقابلة ذلك التخلص من قيود أخر، إذ أن المشروع لا يجعل حظها خيرا مما كان. لو بقيت الحالة مبهمة على ما كانت عليه مع التحفظات الأربعة، وما كان التدخل في شؤون البلاد في ظل تلك التحفظات ليزيد على ما يجوز أن يحصل في ظل المشروع.

          على أن أخص ما في معاهدة التحالف أن يكون، إلى جانب ما للطرفين المتحالفين من الحقوق والواجبات المحددة، حرية واسعة النطاق يتبين من خلالها، وفي سياق استعمالها روح الصداقة بينهما ولو أن أعمالهما وتصرفاتهما في كل الأمور. قيدت بوجوب الاستشارة والاتفاق مقدما عليها. لترتب على ذلك إضعاف الصداقة لا توثيقها. والواقع أن الصداقة بين حليفتين لا تنمو ولا تترعرع إلا في ظل فهمها الصحيح لمصالحهما المتبادلة، وإلا إذا توفرت للحليفتين حرية الرأي والإرادة، ولن يتحقق معنى الصداقة الصحيحة بين اثنين إذا كان أحدهما للآخر وصيا أو رقيبا عتيدا.

<1>