إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
6 - مفاوضات سنة 1929 (محمد محمود - هندرسن) - تابع (2) مشروع المعاهدة   

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 301 - 308"  

          وقد أبدينا أننا لا نرى مانعا من قبول هذه الصورة الجديدة فى ضمان حقوق الأجانب، لاسيما وأننا لا نرى فرقا بينها وبين الضمانات التى وردت فى مشروع الاتفاق الدولى الذى وضعته عصبة الأمم، والذى رسم القواعد العامة لمعاملة الأجانب وجعل التحكيم طريق حل الخلافات بين الدول فى تنفيذ تلك القواعد.

          ويكاد يكون الفرق الوحيد بين حكم الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من مشروع المعاهدة وبين مشروع الاتفاق الدولى المتقدم ذكره، أن طلب التحكيم فى الحالة الأولى خاص بإنجلترا وفى الحالة الثانية مشاع بين جميع الدول الموقعة على الاتفاق. على أن هذا الفرق أيضا لا يلبث أن يزول يوم توقع مصر ذلك الاتفاق فيصبح حق طلب التحكيم عاما بعد أن كان خاصا وتصبح حالة مصر حالة الدول الأخرى. ويحل محل الامتيازات نظام تحكيم فيه الأمان الكافى لمصالح الأجانب ومرافقهم.

          على هذا الوجه من تأويل الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة لا يكون ثمة محل لترك سلطة للمحاكم المختلطة فى التصديق على أى تشريع مالى أو غيره كما جاءت الإشارة إلى ذلك فى مشروع الكتابين اللذين يتبادلان بشأن الامتيازات بحسب مشروع (أ). إذ لا يجوز الجمع بين تعهد يحميه التحكيم أمام هيئة دولية وبين تصديق تتولاه المحاكم المختلطة باعتبارها ممثلة للدول، فإن أحد الاثنين يجب أن يغنى عن الآخر. فحيث يكون تصديق لا يجوز أن يصبح التشريع المصدق عليه محل احتكام بعد ذلك. وحيث يجوز الاحتكام إلى هيئة دولية لا يكون محل لأن تتداخل المحاكم المختلطة فى الأمر.

          على أنه بعد بسط الأمر على هذا الوجه. لم تستطع الحكومة البريطانية أن ترى الظرف الحاضر ملائما لترك الطريقة المتبعة من تصديق المحاكم المختلطة على التشريعات، ولذلك لم تجد بدا من إسقاط الإشارة إلى التعهد فى صلب المعاهدة ونقل عباراته إلى الكتب التي تتبادل بشأن الامتيازات. لا على أنها بيان تعهد من جانب مصر وإنما على أنها تحديد لمهمة المحاكم المختلطة التى تتسع من جانب لتشمل التشريعات المالية وتضيق من جانب آخر فتكون مجرد استيثاق من أن التشريع المالى لا يتضمن تمييزا غير عادل ضد الأجانب ومن أن التشريعات الأخرى لا تتنافى مع "المبادئ المأخوذ بها عموما فى التشريعات الحديثة من حيث انطباقها على الأجانب" (وهى المبادئ التى يقوم عليها مشروع الاتفاق الدولى الذى سبقت الإشارة إليه). وقد اقترحت هذه الصيغة بدلا من صيغة "مبادئ التشريع العام لجميع الدول ذوات الامتيازات" إذ لم يكن لهذه الصيغة الأخيرة معنى ظاهر أو محدد. وعلى ذلك لا يكون للمحاكم المختلطة تداخل - كما تحاول الآن فى بعض الظروف - فى موضوع التشريع ومناسبته. وتصبح الحكومة وهى وحدها المسئولة عن حكم البلاد حرة فى تكييف نظمها التشريعية والمالية على الوجه الذى تراه أجدر بالمسئوليات التى تضطلع بها.

<7>