إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
6 - مفاوضات سنة 1929 (محمد محمود - هندرسن) - تابع (1) بيان عن مفاوضات صيف سنة 1929

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 297 - 301"

كذلك جرت أحاديث بيننا و بين وزارة الخارجية البريطانية فى أمر الضرائب التى تنوى الحكومة المصرية فرضها على الأجانب. ومع شديد حرص الوزارة على أن تجعل الحديث فى هذا الشأن حديثا فى مبدأ سلطة الحكومة المصرية وحقها، غير منازعة ولا مدافعة، فى إخضاع الأجانب لكل ما يفرض على أهل البلاد من الضرائب، فقد قضت ضرورات المفاوضة بالبحث فى ضرائب معينة مع الاحتفاظ بمسألة المبدأ. وكان لمعالى وزير الخارجية فى هذا الصدد مجهودات مباركة  أثناء زيارته لوندره فى شهر أبريل سنة 1929 جعلتنى عظيم التفاؤل بحسن النتيجة. وقد كان من أغراض زيارتى تأييد مجهودات زميلى، وتأكيد آثارها. إذ كنا بإزاء حكومة لم تشترك فى الأحاديث السابقة.

          أما الشؤون التى كنت أقصد إلى فتح الحديث فيها لأول مرة فهى اثنان: دخول مصر فى عصبة الأمم، والسودان.

          وقد كان دخول مصر فى عصبة الأمم من أولى المسائل فى برنامج الوزارات التى تعاقبت منذ أعلن استقلال البلاد. غير أن عمل بعضها فى هذا السبيل لم يزد على مجرد الذكر فى خطاب العرش.

          وفى وقت من الأوقات. أريد جس نبض دار المندوب السامى لتعرف الطريق التى تلغى بها الحكومة البريطانية مثل ذلك الطلب إذا تقدم من مصر. فكان الجواب على ذلك أن الحكومة البريطانية لا يسعها إلا أن تكرر لمصر ما سبق لها إعلانه إلى سكرتارية عصبة الأمم عندما أبلغت فى سنة 1924 بعض الدول، ومن بينها مصر، الاتفاق الدولى الخاص بتسوية المشاكل الدولية للانضمام إليه. وقد كان هذا الإعلان شبه تحذير حتى لا تعتبر المسائل المعلقة التى احتفظ بها تصريح   28 فبراير سنة 1922 من المسائل التى يجوز أن تعالج أو أن تسوى بالطريقة التى قررها الاتفاق الدولى المذكور.

          ولقد يظهر أن مسألة دخول مصر فى العصبة لم تتقدم بعد ذلك كثيرا. على أنى كنت أرى أن من مصلحة مصر أن ندفع بها إلى قدر من التحقيق العملى. وإن لم تنل مصر كل ما تطلبه فى هذا السبيل.

          كذلك كنت أرى أن الوقت قد آن، خصوصا بعد أن وضع الاتفاق الخاص بالنيل،  لأن يعاد النظر فيما بقى من آثار الإنذار البريطانى متعلقا بالسودان للرجوع فيها إلى ما كان عليه الحال قبل سنة 1924

          تلك كانت أغراضى من زيارة لوندره ومقابلة رجال السياسة البريطانيين، فهى لا تمتد إلى تسوية عامة للمسألة المصرية. ولكنها ترمى على أساس تجزئة المسائل المصرية، إلى تسوية ما كان مرتبطا منها بتنفيذ سياسة الوزارة وبرنامجها الإصلاحى من جانب، وإلى العمل من جانب آخر فى حدود الحالة القائمة على استعادة ما خسرته مصر فى أمر السودان، وعلى المشاركة الجدية فى الحياة الدولية.

 <2>