إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل مفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
6 - مفاوضات سنة 1929 (محمد محمود - هندرسن) - تابع (1) بيان عن مفاوضات صيف سنة 1929
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 297 - 301"  

          لم يقف بى عند هذه الأغراض، ولم يحل دون تعديها إلى تسوية المسألة المصرية برمتها. ضعف رغبة فى الوصول إلى تلك التسوية، أو شك فى فضل التسوية العامة على التسويات الجزئية، أو تردد، أو تهيب لتلك العقدة التى أعيى حلها كبار رجال مصر وبريطانيا، إذ كنت أعتقد أن صعوبات الحل ليست جوهرية، وإنما هى نسبية ترجع إلى الظروف التى قامت فيها المحاولات المختلفة لالتماس ذلك الحل، وأن الظروف قد تواتى فى أى وقت. فيسهل ما كان صعبا. ويعود ميسورا ما ظهر فى حين من الأحيان عسيرا.

          وإنما حبب لى الاجتزاء بهذه الأغراض أنها كانت تتصل فى أسبابها ومقدماتها بالسياسة التى انتهجتها للوزارة منذ عام. وكان لى بحق أن أعتقد أن تلك السياسة - بما نشرته فى صفوف السكان من الاطمئنان والسكينة، وأعادته للحكومة من أسباب الثقة والهيبة. وما كشف عنه من آفاق جديدة فى تطور مصر ورقيها - توجب علي أن أعمل فى رفق وأناة على مواصلة السير فيها لأبلغ بها غايتها وأصل بها إلى أقصى مداها وأبعد نتائجها. كذلك كان لى أن أعتقد أن نجاح تلك السياسة يسهل علي مهمتى تسهيلا كبيرا.

          وقف بى أيضا عند حد هذه الأغراض المعينة أن الحكم فى بريطانيا انتقل منذ أوائل شهر يونيو من أيدى المحافظين إلى أيدى حزب العمال. وأنى قدرت أن الحكومة الجديدة نظرا لضرورة اعتمادها على معونة أحد الحزبين الآخرين قد تتحرج من أن تجعل المسألة المصرية من أولى ما تعالج من المسائل. وأن تستن فيها طريقا يختلف عما استنه الحزبان الآخران فى ماضى حكمهما.

          اتصلت إذن بذوى الشأن فى هذه المسائل، وبذلت فى تذليل صعوباتها وتأكيد نجاح مساعي فيها كل ما استطعت من إقناع وقوة، ولكنى شعرت بأن الخطوات التى أتقدمها فى هذا السبيل دون الجهد الذى أبذله والغاية التى أترسمها بالنجاح الذى يحقق لى بقوة مركز الحكومة المصرية فى تلك المسائل المختلفة أن أطمع فيه. ولم ألبث أن تبينت أن مجهوداتى تكون أكثر إنتاجا وأعظم توفيقا لو عالجت المسألة المصرية بالجملة لا بالتفاريق.

          وليس من شك فى أنه إذا تحققت الثقة بأن سيسود علاقات ما بين البلدين جو من الوئام والصفاء وأن سينفتح لهما عهد جديد يقوم على الصداقة وحسن التفاهم. يكون كل من الجانبين أكثر استعدادا للتساهل فى المسائل الثانوية والتفاصيل. مما يعوق فى أغلب الأحيان الوصول إلى تفاهم صحيح.

          سئلت إذن عما إذا كنت أشاطر الرغبة والاستعداد لمعالجة المسألة برمتها فكان جوابى بطبيعة الحال إيجابا. فطلب إلى أن أحدد ما تريده الأمة المصرية لينظر فيما إذا كان من الممكن أن يتسع له صدر الحكومة البريطانية، وألفت نظرى إلى أن المشروع الذى تمخضت عنه المفاوضات بين المغفور له ثروت باشا وبين السير أوستن تشمبرلن فى سنة 1927 اعتبر أقصى ما ترضاه الحكومة

<3>