إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
6 - مفاوضات سنة 1929 (محمد محمود - هندرسن) - تابع (1) بيان عن مفاوضات صيف سنة 1929

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 297 - 301"

البريطانية وإلى أنه لا مندوحة من اتخاذه أساسا للحديث؛ إذ كان ثمرة أبحاث مستفيضة وجهود صادقة من الجانبين فى سبيل تقريب وجهتى النظر المصرية والبريطانية، على أن أبين ما آخذه عليه وننظر معا فيما إذا كان ثمت سبيل لتحقيق الاتفاق بين البلدين.

          ذهبت إذن أصور ما تريده الأمة المصرية وما تفهمه من استقلال لا يختلط بالحماية أو بالوصاية. أو أى وجه من وجوه التبعية. وأتعقب ما فى مشروع سنة 1927 من قصور عن تحقيق تلك الغاية. وقد أستطيع أن أجمل تلك الملاحظات - إن كانت مما يجوز فيه الإجمال - بأن المشروع يترك احتلال البلاد قائما. وأنه لا يمكن فى يقين الناس أن يستقيم للاستقلال معنى أو تتسق له صورة إلا إذا اقترن بزوال الاحتلال، وأن المشروع بوصف أنه محالفة لا يحقق على وجه كامل تكافؤ ما يجب أن يكون بين البلدين من الحقوق والتكاليف.

          طلبت إذن فيما طلبت أن تستعيد الحكومة المصرية حريتها بالنسبة للأجانب فلا يشاركها أحد فى هذا الشأن باسم حماية الأجانب والمسئولية عن أرواحهم وأموالهم. وأن تعدل الامتيازات بما يتفق مع روح العصر وحالة مصر الحاضرة وأن تلغى الإدارة الأوروبية، وأن تكون سيادة البلاد داخلية أو خارجية فى جملتها وتفصيلها مطلقة من كل قيد فتزول سلطة الضباط البريطانيين فى الجيش، ولا يبقى المستشاران إلا بمقدار حاجة الحكومة المصرية إلى مشورتهما فيما تعتزمه من مشروعات الإصلاح الواسعة النطاق ويكون لها وحدها حق تقدير هذه الحاجة. ويراعى فى اختيارهما وتعيينهما أنهما موظفان مصريان.

          أما السودان فقد طلبت أن تحترم وتنفذ اتفاقات سنة 1899 بشأنه مؤقتا. وعلى ذلك يعود إليه قسم من الجيش المصرى كما كان الحال قبل سنة 1924. ويجب أن تنقطع التدابير والإجراءات التى ترمى إلى التضييق على المصريين فيكون شأنهم فى حرياتهم ومصالحهم فى السودان شأن الرعايا البريطانيين. وقرنت هذه التسوية الوقتية بالاحتفاظ بحرية الحكومة فى المفاوضات فى مسألته فى الوقت الذى تراه ملائما.

          بعد مناقشات طويلة وعسيرة فى هذه المسائل وفى تأمين المواصلات الإمبراطورية وتنظيم المحالفة بين البلدين، اتفق على أن تعد وزارة الخارجية مشروعا يضمن جملة ما اتفقنا عليه فى هذه الشئون جميعا. وكان الرأى عندى أن تضمن المعاهدة الأحكام الكلية للتسوية الجديدة وأن يترك البيان والتفصيل لكتب تتبادل بين المفوضين. تصدر تارة عن الجانب المصرى. وطورا عن الجانب البريطانى بحسب ما تقتضيه طبيعة الكتاب.

          ولقد حرصت كل الحرص على أن تظل المفاوضات مأمونة العواقب إذا لم تتكشف عن نجاح أو اتفاق. فاشترطت ألا يمس مصر أذى أو تضييق إذا تبين لى أن المحادثات لم تثمر اتفاقا مرضيا فرفضته. أو إذا رضيت الاتفاق وعرضته على البلاد فرفضته أو لم تقره.

<4>