إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (11)(*)

وقائع مؤتمر مدينة الشعراء
وخطاب جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود فيه(*)

          "إن هذه الساعة، هي الساعة التي يجب علينا أن نقوم بشكر الله. وإن أكثر ما يخيفني، أيام الفتح والنصر والتأييد، أن نقصِّر في واجب شكرنا لله ـ تعالى ـ. ولقد كان من فضل الله عليّ أنني كلما اشتدت علينا المحن، عظم رجائي بالله. وكلمّا فرج الله عنا الكروب، ازداد خوفي من تقصيرنا في شكر الله، أن يبدل الله نقمته بنعمته. وأهم ما ينبغي علينا، في مثل هذه المواقف، أن ننظر عظم منن الله علينا، فنقوم بما يجب إزاء هذه النعم. فهذا اليوم، هو محل الخوف الحقيقي من تغيير الله على المسلمين. فبعد شكر الله، يجب على المسلمين أن يفكروا في العمل، الذي يمحو الله بسببه سائر الفتن ودواعيها، حتى نعيش في أمن وراحة، في ديننا وأوطاننا".

          "لقد أكثر الناس الطعن في الدهينة والخضري، ومن التفّ حولهما من الأشقياء، الذين قدموا من أقاصي الحدود، لإشعال الفتنة داخل نجد. أما أنا، فأقول جازى الله الدهينة ومن معه، في جهنم. ولكن، لم يحسن إلينا أحد، كما أحسن إلينا الدهينة ومن معه. ولقد كنت موقناً أن أولئك الذين امتنعوا عن حكم الشريعة فيهم، يوم السّبَلَة، وصمدوا لقتال المسلمين، يستحيل على أشرارهم أن تطمئن قلوبهم للسكون والاطمئنان، حتى يثخنوا إثخاناً. ولقد كان يشتغل مني الفكر في أمرهم، وأعلم ما انطوت عليه قلوبهم من الغيظ على المسلمين، وتربص الدوائر فيهم. ولمّا مررت بكم في الدوادمي، وشفعتم فيهم، لم تكن لتحملني نفسي على التنكيل بهم، لظنون لدي فيهم. وتركت الأمر، وقلت عسى الله أن يهدي قلوبهم، فأعطيتهم الأُعطيات، وأكرمتهم، ووصلت لهم جميع حقوقهم، ومنعت عنهم كل عدوان. ثم لما وصلت الرياض، جاؤوا تائبين، طائعين، فكررت لهم العفو، وأجزلت لهم العطاء، وعاهدوني على السمع والطاعة. ولكنهم كانوا، مع ذلك، يضمرون الغدر، ويسعون بالمكر، حتى جاء الدهينة ومن معه، (والدهينة مَنْ تعلمون. والله، لا خر ولا حر) فلما صاح بهم إلى الفتنة، لبوا إليه مسرعين. وعند ذلك، انجلى الشك، ووضح اليقين (وزان المضراب)، ولم يبق لأحد حجة في التخلف. فكان ما كان من نعم الله وفضله وتأييده. وقد أتيتكم، الساعة، حتى أسمعَ رأيكم في التدابير، التي ترون، بعد أن أثخن الله أعداءه، للقضاء على أهل الفساد، بحيث لا تقوم لهم قائمة، بعد اليوم ـ بحول الله وقوته ـ وتذكروا أن أولئك المفسدين، لم تردعهم موعظة، ولم يحجزهم إسلام، ولم يمنعهم عهد، ولم يفد فيهم عطاء، ولم يؤلف قلوبهم معروف. خرجوا عن الطاعة، وفارقوا الجماعة، وظاهروا المارقين من الإسلام والمسلمين. فخفروا ذمة المسلمين، وأفسدوا في الأرض، وقطعوا السابلة، وأخافوا الآمن، وقتلوا البريء. ولا نريد أن نشهد في بلادنا، بعد هذا اليوم ـ بحول الله وقوّته ـ مثل هذا الحدث، ولا مثل هذه النزاعات الشيطانية. ولينصرف كل واحد منكم إلى جماعته، ليستشيرهم في ما يرون، وأتوني، غداً، في هذا المكان، لتعلنوا آراءكم على ملأ من الناس. وإن شاء الله تعالى ـ لن أنصرف من مقامي هذا، وأترك في دماغ مفسد أملاً في الرجوع إلى الفتنة ـ بحول الله وقوّته ـ إني لا أريد من أحد أن يبدي لي، في ما ذكرت، رأياً، في هذه الساعة؛ وإنما أطلب منكم، أن تنصرفو ا، الآن، لترجعوا إلى هذا المكان، صباح الغد، بآرائكم في الأمر".


(*) صححت الموسوعة الخطاب لغةً وإملاءً وترقيماً.

(*) جريدة "أم القرى"، العدد الرقم 252، الصادر في 15 جمادى الأول 1348هـ.