إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) كلمة الملك عبد العزيز آل سعود في كبار الحجاج في مكة المكرمة في 10 ذي الحجة سنة 1354هـ الموافق 5 مارس 1936
المصدر: د. عبد العزيز حسين الصويغ، "الإسلام في السياسة الخارجية السعودية"، الرياض، ط1، 1992، ص 225 - 226.

         يجب أن يعتبر المسلمون من حالهم اليوم، فأنهم لم يصلوا إلى ما هم عليه الآن إلا من كثرة أقوالهم وعدم أعمالهم.. إن العمل هو أساس النجاح.. إن العقيدة الصحيحة هي أساس الفلاح.. يجب على المسلمين عموماً، والعرب خصوصاً، أن يتدبروا الموقف ويرجعوا إلى ربهم ويحذروا مكره، فإنه - جل وعلا - مدح مكره فقال ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.

         يجب على المسلمين أن يقلعوا عما هم فيه، فإذا فعلوا فسيغفر الله لهم.. لقد غفر الله من أعمال عمر في الجاهلية حتى غدا الفاروق في الإسلام، وغفر عن خالد بن الوليد حتى أصبح سيف الله في أرضه، إن العبرة بالنية الصادقة، فإذا صدق المسلمون في نيتهم فبشرهم برحمة الله وفضل.

         إنني أدعو المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله والتمسك بسنة رسولهواعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأذكرو نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم أياته لعلكم تهتدون.

         كثيراً ماتلوك ألسنة المسلمين إن الله غفور رحيم وهذا الكلام صحيح. ولكن ألم يأتهم نبأ قوله تعالى : إن الله شديد العقاب.. إن الله غفور رحيم لمن تاب وآمن وعمل صالحاً، أما من يستمر في طغيانه ويصر على كفره فسيناله عقاب ربه.. إنني أرجوا من المسلمين أن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله. وهذا هو ديننا.. وهذا هو معتقدنا.. نقاتل من أراد أن ينال ديننا أو وطننا بأذى.

         يقول الكثير من المسلمين " يجب أن نتقدم في مضمار المدنية والحضارة، وإن تأخرنا ناشىء عن عدم سيرنا في هذا الطريق، وهذا ادعاء باطل، فالإسلام قد أمرنا بأخذ ما يفيدنا ويقوينا على شرط ألا يفسد علينا عقائدنا وشيمتنا، فإذا أردنا التقدم فيجب أن نتبع الإسلام وإلا كان الشر كل الشر في اتباع غيره.

         إن المدنية الصحيحة هي التقدم والرقي، والتقدم لا يكون إلا بالعلم والعمل، إن حالة المسلمين اليوم لا تسر، وإن الحالة التي هم عليها لا يقرها الإسلام، يجب على المسلمين أن يتدبروا موقفهم جيداً ويعملوا لتطهير قلوبهم من الأدران التي علقت بها، فإن الموقف دقيق، والله ينصر من أراد نصر دينه وكان حقا علينا نصر المؤمنين.

         إن الفرقة أول التدهور والانخذال، بل هي العدو الأكبر للنفوس، والغاوية للبشر، والاتحاد والتضامن أساس كل شيء، فيجب على المسلمين أن يحذروا التفرقة وأن يصلحوا ذات بينهم ويبذلوا النصيحة.. قالوا لمن؟.. قال: لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

         فهذا الحديث دستور أخلاقي عظيم من واجب لكل مسلم العمل به، لأن في اتباعه صلاحاً لأحوال المسلمين فيزدادون منعة، ونحن نحمد الله على أننا بدأنا نشعر بمثل هذه الروح السامية تدب في نفوس المسلمين، فيعملون على درء كل خطر، ومنع أسباب التخاذل، فنرجوه سبحانه وتعالى أن يمن علينا بالاتفاق والاتحاد، فإن الله سبحانه وتعالى قد من على المسلمين بأوامر ونواهي وفرض عليهم الفرائض ولم يأمر - جل وعلا - بأمر إلا وجعل الفوائد بحذافيرها فيه، ولم ينه عن شيء إلا وجعل الشر بحذافيره فيه، ومن أعظم الأوامر توحيد الله - جل وعلا - توحيداً منزهاً عن الشرك، إن الله لم يجعل بينه وبين أحد من خلقه واسطة، فهو يقول أدعوني أستجب لكم ويقول نحن أقرب إليه من حبل الوريد.

<2>