إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة، حول معركة فلسطين
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 295 - 299 "

خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة، رئيس
الجمهورية التونسية، حول " معركة فلسطين ". (1)
قرطاج، 5 / 6 / 1967
( " معركة فلسطين "، كراس رسمي، نشر
وطبع كتابة الدولة للشؤون الثقافية
والاخبار، تونس، 19 / 6 / 1967 )

أيها المواطنون
          اليوم وقد جد الجد، وأخذ الكفاح طوره الجدي من اجل الحق والعدل والسلم الحقيقية تقف تونس شعبا وحكومة في صف شقيقاتها من أجل تحرير فلسطين التي اغتصبت ارضها وشرد ابناؤها منذ تسعة عشر عاما. ولنا بهذه المناسبة ان نذكر الشعب واخواننا واصدقاءنا في كل بلاد العالم ومواطنينا اليهود واصدقاءنا في فرنسا من الأحزاب اليسارية الذين شدوا ازرنا اثناء كفاحنا من أجل الانعتاق والتحرر من الاستعمار بأن موقفنا ضد اسرائيل لا أثر فيه لأي تعصب ديني أو عنصري أو كراهية لليهود وانما هو من اجل المبادئ والقيم التي اعانتنا من اجلها الاحزاب اليسارية والشعب الفرنسي والشعوب المحبة للسلام عندما ديست حريتنا وقاومنا الاستعمار الفرنسي.

          وان ما حز في نفوسنا حقا هو ان جانبا عظيما من أصدقائنا في فرنسا يظهر كأنهم نسوا كيف قامت اسرائيل، فهم يقفون عندالماعون آية 4 ويل للمصلين ويقولون ان اسرائيل دولة قائمة هاجمها العرب وانه ينبغي ان تعيش.

          ولكن كيف قامت هذه الدولة اليهودية؟ لقد قامت في أرض يملكها اصحابها منذ أكثر من الفي سنة فبدأ اليهود يستحوذون عليها تدريجيا شأنهم في ذلك شأن الاستعمار بتونس والجزائر والمغرب- واعتمدوا طريقة الاستعمار التوطيني، وتدعم كيان دولة اليهود باعانة من بريطانيا الوصية على فلسطين وتطبيقا لوعد بلفور، ثم تألب كل الحلفاء على الشعب الفلسطيني - وهم الذين قاوموا الاستبداد والقهر والامبراطور الالماني " غليوم الثاني " من أجل اقرار مبادئ الديموقراطية والحرية - ففرضوا على جميع اجزاء الشرق الاوسط حمايتهم ووصايتهم.

          وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ما راعنا الا وفلسطين التي كانت كبقية اجزاء الشرق الاوسط خاضعة لوصاية بريطانيا قد سلبت من العرب لان بريطانيا وساستها عملوا على تعميرها وتشجيع اليهود على المهاجرة اليها وتوطينهم بها وتدعيم أركان الهجرة اليهودية وتسليح اليهود وتعزيز عصاباتهم إلى ان شعر العرب الفلسطينيون بخروج بلادهم من أيديهم.

          فهذا أمر لا سبيل إلى نسيانه لان كل من يتمسك بالمبادئ لا يمكن ان تختلف مواقفه اذا كانت المعطيات متماثلة. فالذين ناصروا القضايا التونسية والجزائرية والمغربية انكارا منهم للاستعمار التوطيني تجد البعض منهم يستنكرون محاربة العرب لاسرائيل والحال انها تمارس ذلك الاستعمار التوطيني نفسه. ولذلك نستغرب ان يدعوا اليوم ان هذه الحرب حرب عنصرية تدور بين يهود ومسلمين وان اليهود أناس مساكين جديرون بالرحمة لما لاقوه من عذاب في بلدان اوروبا.

          انا لا ندرك ماذا كانت تفعل بعض الدول الأوروبية لو اختيرت أرض غير أرض فلسطين كاحدى مقاطعات فرنسا أو بريطانيا أو السويد أو المانيا أو تونس أو الجزائر لتوطين اليهود.

          فموقفنا نحن اليوم هو موقفنا في صورة اقتطاع جزء من التراب التونسي كولاية صفاقس او قابس مثلا وتوطين اليهود فيه تدريجيا وبعث دولة اسمها اسرائيل ثم طرد اهالي هذه الولاية باستخدام القوة واستعمال الأسلحة.

          ولم تكن للشعوب العربية المتاخمة لاسرائيل تجربة كافية في فنون الحرب مثل التي اكتسبها اليهود من الحرب العالمية الثانية فكانت النتيجة بالرغم من كثرة عدد العرب الانهزام عام 1948 واعيدت الكرة سنة 1956 بتألب بريطانيا وفرنسا واسرائيل بعد تأميم قناة السويس. وقد وقفنا في هذه المحنة ايضا في صف العرب تأييدا للحق واحتراما لمبدأ حق الشعوب في التصرف في اوطانها.


1 - القي على اثر اجتماع عقده مجلس الجمهورية.

<1>