إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



خطاب الياس الهراوي، الرئيس اللبناني، بعيد انتخابه خلفاً للرئيس الراحل رينيه معوض
المصدر: " يوميات ووثائق الوحدة العربية، 1984، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، 1985، ص 675 - 678 "

خطاب الياس الهراوي، الرئيس اللبناني، الذي ألقاه بعيد انتخابه خلفاً للرئيس الراحل رينيه معوض والذي أقسم فيه اليمين الدستورية.

( السفير، بيروت، 25 / 11 / 1989 )

" دولة الرئيس،
حضرة النواب المحترمين،
          بالأمس القريب اجتمع المجلس النيابي لينتخب رئيساً للجمهورية قادراً على قيادة مسيرة الوفاق والسلام، مسيرة استعادة السيادة والكرامة الوطنية، واليوم يجتمع مجدداً والحزن يلفه حداداً على شهيد الوحدة الوطنية وعلى ربان السفينة التي عادت تتقاذفها أمواج المؤامرات.

          لقد سقط فخامة الرئيس رينيه معوض شهيد واجبه الوطني وإيمانه بمقدسات التزم بها في خطابه الرئاسي الأول أمامنا. لقد سقط وهو يناضل من أجل الوفاء بعهده من أنه " سيؤدي واجبه كاملاً نحو وطنه وشعبه وأنه لن تثنيه صعوبات عن متابعة مسيرة الخلاص ".

          لقد سقط من " أجل أن ترتفع راية الأرز فوق كل القمم ويسلم حق المواطن وكرامة الإنسان فتعود البسمة إلى كل الشفاه والاستقرار إلى لبنان ".

          لقد خافوا من إيمان شهيدنا العظيم بلبنان ومن عزمه على تحقيق رهان عمره في إرساء المصالحة بين اللبنانيين وفي استعادة سيادة الوطن كاملة فغدروه وقتلوه ظناً منهم انهم يقتلون معه أهدافه وأهداف كل لبناني مخلص شريف.

          إلا أن مجلسكم الكريم وفي وقفة وطنية رائعة هب يلبي نداء الوطن مجدداً رافضاً أن تذهب دماء شهيدنا العظيم هباء، وأن تسقط معه تطلعاته وان يغتال معه مشروع وثيقة الوفاق الوطني. لقد هب مجلسكم بشجاعته المعهودة، يواجه أيادي الغدر ويرد على القتلة الجبناء معلناً أنه إذا مات رئيس البلاد فلبنان لا يموت وان إرادة اللبنانيين في الحياة لا يمكن أن تموت، وأن مسيرة الإنقاذ التي ابتدأت لن تتعثر ولن تنكفئ.

          وانطلاقاً من هذا الإيمان الراسخ إلتأم مجلسكم فوراً ليفوّت فرصة القضاء على لبنان الواحد ولينقذ مسيرة الخلاص مقدماً بذلك إلى الرئيس الراحل اكليل عرفان ووفاء وتعزية، منتخباً من يتابع الرسالة الوطنية عنه، ومن يحمل الراية التي هوت معه فيكمّل الجهاد من أجل إنقاذ الوطن.

أيها السادة،
          لقد شاءت الأقدار أن تلتقي إرادتكم على شخصي لأتحمل المسؤولية الرئاسية، فإليكم امتناني للثقة الغالية التي أوليتموني إياها.

          وإلى الشعب اللبناني العظيم عهدي بأن تعود راية الأرز خفاقة عالية فوق كل شبر من أرض لبنان وان يستعيد وطننا الحبيب سيادته واستقلاله وأن ينعم اللبناني، كل لبناني، بحقه في الحياة الكريمة الآمنة.

          وإلى الرئيس الشهيد وعدي بأن التزم مبادئه وأن أحقق الأهداف التي أعلنها والتي من أجلها سقط، فترتاح روحه القلقة على لبنان وقد استعاد كامل وحدته وسيادته.

أيها السادة،
          الظرف عصيب، ولبنان اليوم هو مهدد، أكثر من أي يوم مضى، بعظيم الأخطار، واللبنانيون هم قلقون على المصير، حائرون يتلمسون الخلاص حيناً وتخيب آمالهم أحياناً ... إلا أنه وللمرة الأولى، منذ اندلاع شرارة الأحداث في لبنان تتاح لهم فرصة سلام حقيقية متمثلة بوثيقة الوفاق الوطني، التي أجمع العالم بأسره على دعمها وأقرها مجلسكم الكريم .. انها مشروع متكامل للإنقاذ ولوضع حد نهائي وجذري للآلام والدموع ولوقف النزيف القاتل الذي يتفاقم يوماً بعد يوم، وخيار اللبنانيين أصبح واضحاً: فأما الالتزام بهذه

<1>