إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) خطاب الياس الهراوي، الرئيس اللبناني، بعيد انتخابه خلفاً للرئيس الراحل رينيه معوض
المصدر: " يوميات ووثائق الوحدة العربية، 1984، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، 1985، ص 675 - 678 "

          وخيار اللبنانيين بين أن نبقى دولة عاجزة عن بسط سلطتها على كامل أراضيها وبين أن نسرع ببناء قواتنا الشرعية الذاتية لنستعيد قدراتنا على بسط القانون ونستغني عن أي وجود عسكري غير لبناني، وقد اخترنا باسمهم بناء الدولة القادرة على بسط سلطتها على كامل أراضيها وألاّ تبقى مرتفعة في لبنان سوى البندقية الشرعية اللبنانية.

          وخيار اللبنانيين بين أن نتنكر لتراثنا في الانفتاح والتفاعل الحضاري ولدورنا الطليعي في محيطنا فنعيش منعزلين متقوقعين أسرى الهواجس والأوهام، وبين أن نتفاعل مع عائلتنا العربية ملتزمين قضاياها المصيرية ومواثيقها، وقد اخترنا باسمهم تعزيز انتمائنا العربي المتوافق مع تاريخنا وتطلعاتنا الوطنية والمتلاقي مع العاطفة العربية الصادقة التي تجلت في الجهود المشكورة التي تبذلها اللجنة العربية الثلاثية العليا باسم العرب جميعاً، وفي الضمانات التي قدمتها لحسن تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، خصوصاً في الشق المتعلق باستعادة السيادة الوطنية وإعادة إعمار لبنان.

          وخيار اللبنانيين بين أن نبقي صفحة سوء التفاهم بين لبنان والشقيقة سوريا مفتوحة مع ما ينتج عنها من أضرار للبلدين عرضت شعبنا للكثير من المآسي، وبين أن نطوي هذه الصفحة نهائياً ونفتح صفحة جديدة مشبعة بروح التعاون الصادق الكفيل بخلق أجواء الثقة المتبادلة وبناء علاقات أخوية تحقق مصلحة البلدين والشعبين في إطار سيادة واستقلال كل منهما، وقد اخترنا باسم اللبنانيين التوجه الأخير، خصوصاً وان إعلان الشقيقة سوريا موافقتها على مشروع وثيقة الوفاق الوطني مع ما احتوته من تأكيد على سيادة واستقلال لبنان، وعلى كونه وطناً نهائياً لجميع أبنائه أسقط هواجس البعض ومخاوفهم.

أيها السادة،
          إن الخيارات التي ذكرتها تؤكدها وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها مجلسكم الكريم والتي التزم بها أمامكم، وهي ستكون برنامج عمل حكومة الوفاق الوطني التي سيتم تشكيلها في أقرب فرصة ممكنة.

          إن اعتماد هذه الخيارات المصيرية يدفعنا حتماً إلى خوض معركة إنقاذ لبنان واللبنانيين، وهم في وحدتهم وتصميمهم على الخلاص أكبر ضمانة لنجاح هذه المسيرة الإنقاذية.

          من هذا المنطق أنني أمد يدي للتعاون مع كل اللبنانيين وبصورة خاصة مع القيادات منهم دون استثناء، ومع الجيل الطالع الذي حرمته الأحداث من نعمة الحياة الكريمة والذي يستطيع أن يستعيد الأمل بلبنان عزيز سيد حر مستقل ومستقر من خلال دعم مسيرتنا الهادفة إلى إعطاء هذا الجيل حقه في المشاركة الفعالة ببناء وتطوير وطنه نحو الأفضل.

          ومن هنا دعوتنا إلى التعقل بدل المغامرات المحفوفة بالمخاطر، ودعوتنا إلى الواقعية بدل الشعارات التي ستحول الأحلام إلى كوابيس والآمال إلى دموع. ودعوتنا إلى الحياة بكرامة بدل الانتحار الجماعي والمجاني.

أيها السادة،
          يوم توافقنا في الطائف وأجمع العالم على دعمنا وتأييدنا انطلقت مسيرة السلام في لبنان ومسيرة استعادة سيادتنا وكرامتنا الوطنية ...

          ومهما حاول أعداء لبنان عرقلة هذه المسيرة فلن ينجحوا، لأن إرادة الحياة لدى شعبنا العظيم هي أقوى

<3>