إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



كلمة الفيصل في حفل العشاء الذي أقامه على شرف
الملك الحسن الثاني، وذلك في الرياض
(1)

          بسم الله الرحمن الرحيم

          يا صاحب الجلالة، أرجو أن تسمحوا لي جلالتكم أن أتقدم إليكم باسم شعب هذه البلاد وحكومتها بأجمل ترحيب وأحر المشاعر، وإن كنت في هذه اللحظة أرى نفسي أرحب بكم وأنتم في داركم وبين أهليكم، ولكن أرجو أن تتأكدوا، جلالتكم، بأن ما ترونه وما تلمسونه في هذه البلاد إنما ينبع من حب خالص وإخاء أكيد وتقدير يعبر عنه شعب يؤمن بالله، ويؤمن بدينه وتقاليده، ويؤمن بحقكم بهذا التقدير؛ لأنكم، ولله الحمد، تمثلون أسمى المعاني، فبقيادتكم الحكيمة وكفاحكم الذي واصلتم به كفاح والدكم العظيم محرر المغرب الشقيق ومنقذها، واستمراركم في تشييد هذا البناء الشامخ ورعايته بجهودكم المخلصة وتفانيكم في خدمة دينكم ووطنكم وأمتكم، فلهذه المعاني، ولهذه الأسباب مجتمعة؛ فإن شعبكم في المملكة العربية السعودية يرحب بكم أجمل ترحيب، ويقدر لكم لك أعمالكم، وكل ما تقومون به من مجهودات في سبيل الوطن العربي الكبير، وفي سبيل شعبكم المخلص لجلالتكم.

          يا صاحب الجلالة: إننا في هذه الأيام التي تمر بها، لا أقول: الأمة العربية فقط، وإنما أقول: الأمة الإسلامية أجمع، لفي حاجة إلى قيادات رشيدة، وإلى توجيهات مخلصة، وإلى صفات يجب أن تتوفر في القائد وفي الموجه، وإننا حينما نتلمس هذه الصفات، لنجدها، ولله الحمد والمنة، متوفرة لدى جلالتكم، وقد ورثتموها كابراً عن كابر.

          إننا لفي حاجة، يا صاحب الجلالة؛ لمثل هذه الاتصالات ومثل هذا التلاقي من الإخوة وبين الأشقاء؛ للنظر في أمورنا وتنسيق سياساتنا ومحاولة توحيد الجهود في سبيل الله، ثم في سبيل قضيتنا، وفي سبيل مشاكلنا كمسلمين وكعرب، ليست مشكلة واحدة وإنما عدة مشاكل، فإننا نرى اليوم أمامنا مشاكل متعددة، وإن كانت مشكلة العرب والمسلمين اليوم البارزة في الميدان؛ هي مشكلة وطننا الشقيق فلسطين، الذي ذهب ضحية الاعتداء الغاشم والغدر الفاضح والخيانات من قبل المستعمرين، ومن قبل من يدعون الصداقات ويدعون الإخلاص لنا، ولكنهم في نفس الوقت يتآمرون مع أعدائنا ويدسون الدسائس لنا، ونحن لسنا، ولله الحمد، قلة، ولسنا ضعفاء، ولكنه ينقصنا شيء واحد، ينقصنا، قبل كل شيء، الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك ينقصنا وحدة الصف، ووحدة الكلمة، ووحدة العمل، والإخلاص في اتجاهنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً لا يخدع بعضنا


1. أم القرى العدد 2218 في 28 محرم 1388 الموافق 26 أبريل 1968

<1>