إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



          أيها الإخوان: لقد ابتدعوا للشعب المصري، المغلوب على أمره، بدعاً ضالة، ففرقوا بين الشعب وبين أبنائه فمنهم المجرم، ومنهم الإقطاعي، ومنهم المستغل، ومنهم المؤمن، ومنهم عدو الشعب، ومنهم الضال، إلى آخر هذه التسميات، فهل يعقل أن شعباً واحداً يقسم إلى مئات الفئات؟!!

          أيها الإخوان: أيها الإخوان: كلكم تعلمون ماذا يقاسيه الشعب المصري الآن من ظلم واستبداد واضطهاد، فنبتهل إلى الله في هذا الحرم المقدس، أن يرفع عن إخواننا المصريين ما أصابهم، وأن يهبهم الحرية والاطمئنان والاستقرار، ليحكموا أنفسهم بأنفسهم، وأن لا يسلط عليهم الظلمة، وأن يقينا وإياكم شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا.

          أيها الإخوان: قالوا عنّا إننا: التجأنا للأمريكان، فما هو التجاؤنا للأمريكان؟ وما معناه؟ إذا كان الالتجاء للأمريكان المساعدات، فهم الذين يأخذون المساعدات من الأمريكان، ونحن لم نأخذ شيئاً، فإذا كانت المساعدات هي التي تفرض الاستعمار على البلد، فإذاً يجب أن نعتبر مصر مستعمرة لكل دول العالم، أما ما ينسبون عن الأمريكان، فليس هناك إلا ما رأيتموه، أيها الإخوان. فقد عرضت علينا أمريكا صداقتها ومعاونتها، فقبلنا ذلك، قبلنا الصداقة والمعاونة الغير مشروطة، لم نستلم من الأمريكان مساعدات، استوردنا الأسلحة من أمريكا ودفعنا قيمتها. علمنا أبناءنا في أمريكا ودفعنا مصاريفهم، لدينا بعض الفنيين الأمريكيين، يعملون في الجيش، وفي سلاح الطيران، ونحن نتحمل قسماً من مصاريفهم.

          أيها الإخوان: لسنا ممن يعمل باتفاقيات سريّة، ولسنا ممن يعمل وراء الستار، فكل ما بيننا وبين الأمريكان هو الخطاب الذي بعثه الرئيس كنيدي لي، وجاوبته عليه، وقد نشر بالصحف، أيها الإخوان، إذا كان الاستعداد للمعاونة يعتبر استعماراً، فلنرجع إلى ست سنوات مضت، حين وقعت حوادث السويس، حين تدخل خرشوف وهدّد الإنجليز والفرنساويين على أنه سيتدخل إذا لم يوقفوا اعتداءهم على مصر، فهل تعتبر مصر مستعمرة لروسيا؟!!

          أمس الماضي أعلن ناطق بلسان وزارة الخارجية البريطانية بأنه إذا تعرضت الهند لهجوم آخر من الصين؛ فإن السلاح الجوي الأمريكي والهندي والإنجليزي سيدافع عن الهند، فهل بذلك تعتبر الهند مستعمرة؟!!

          نحن لم نصل إلى هذا الحد، ولم يدافع عنا أحد، ولكن عرضت علينا صداقة ومساعدة فقبلناها فهل يعتبر هذا استعماراً؟

          أيها الإخوان: بهذه المناسبة أحب أن أحدثكم عن موضوع إعادة العلاقات مع الحكومة البريطانية كنا، كما تعلمون، قطعنا العلاقات مع الحكومة البريطانية حين الاعتداء على قناة السويس وفي سبيل مصر، وبعد أن سويت المسألة طلبنا من الحكومة البريطانية أن تحل مشكلة الحدود، فرفضنا أن نعيد العلاقات قبل حل هذه المشكلة، في هذه الأثناء شقيقتنا مصر التي قطعنا العلاقات مع الإنجليز في سبيل الدفاع عنها ومناصرتها، سبقتنا في إعادة العلاقات مع الإنجليز، وهي تعلم أن بيننا وبين الإنجليز مشكلة الحدود والبريمي، ولم يكلفوا أنفسهم، حتى من باب المجاملة، أن يسألوا رأينا في ذلك. فصبرنا، وقلنا على سبيل الاصطلاح المصري: "معلهش" برضو في سبيل الأخوة". الآن وقد طال الأمد ومشكلة الحدود ليست بيننا وبين بريطانيا بالذات، ولكنها بيننا وبين إخوان لنا نعتبرهم إخوانا مهما كان بيننا وبينهم من خلاف، وهو سلطان مسقط، وشيخ أبوظبي، ولكن الحكومة البريطانية تدّعي لنفسها حق الكلام باسمهم، وهذا طبعاً بموافقتهم.

          فلو أن الأمر اقتصر بيننا وبين إخواننا، لانحل كما انحل مشكل الحدود بيننا وبين قطر، شيخ قطر الشيخ علي بن ثاني قال: ليس بيني وبين المملكة العربية السعودية حدود، بل نحن إخوان، ونحن ليس بيننا حدود، وبناء على ذلك تفاهمنا مع الشيخ علي بن ثاني، ونحن لا يهمنا شبر أرض، أو شجر، أو واد يزيد عندنا، أو عند إخواننا مادام أنهم عرب.

          أيها الإخوان: هذه نقاط أحببت أن أشرحها لكم فربما كان منكم من يتساءل عنها، فليكن واضحاً أمام الجميع أننا، بحول الله وقوته، لا يمكن أن نقدم خطوة، أو نؤخر أخرى إلا مستهدفين مصلحة ديننا، وبعد ذلك مصلحة بلدنا وأمتنا.

          أيها الإخوان: أكرر فأقول: إنه ليس بين هذا الشعب وبَيْن الشعب المصري أي خلاف، وليس بيننا أحقاد؛ فنحن كلنا إخوان، كلنا عرب، كلنا مسلمون، ولكن هناك من يريد أن يعكِّر هذا الصفو، وهذه الأسرة، لمطامع وأحقاد وأشياء أخرى، لا يمكن أن أصفها في هذا المكان،

<3>