إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



ولكنكم يمكن أن تحكموا عليها. فلا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نأخذ من موقف القادة والزعماء في مصر حكماً على إخواننا المصريين، ونصفهم بأنهم ظلمة، أو أنهم طغاة، أو أنهم ملحدون، أو أنهم متنكبون طريق الحق حاشا لله.

          أيها الإخوان: إننا نعلم جميعاً أن إخواننا في مصر مغلوبون على أمرهم، مضطهدون مظلومون محكومون بالنار والحديد، والمباحث والمخابرات، حتى الجيش المصري مغلوب على أمره ومسلطة عليه المباحث والمخابرات.

          أيها الإخوان: أعود إلى كلمة أحب أن أشرحها لكم، فربما يتساءل من لا يعلم الحقيقة عن موقفنا تجاه قضية اليمن.

          أيها الإخوان: كلكم تعلمون ما هي العلاقات والروابط التي تربط هذه البلاد بشقيقتها اليمن؟ ونحن ليس لنا مطامع في اليمن، وحوادث التاريخ تشهد وأنتم تشهدون، بأننا ليس لنا مطامع في اليمن، لا اقتصادية، ولا سياسية، ولا عسكرية. فحينما حدثت الحوادث الأخيرة في اليمن توقفنا عن التدخل، أملاً منا في أن يترك الأمر لأبناء اليمن يقررون مصيرهم بأنفسهم، ولكن لم يفت على الثورة المشؤومة يوم أو يومان إلا ورأينا الأساطيل البحرية والجوية تنقل القوات المصرية إلى اليمن، وكلكم تعلمون لماذا نقلت هذه القوات؟ هل ذلك لمساعدة اليمنيين؟ حاشا لله، ولكن للتحكم في اليمنيين واستعبادهم.

          بعد ذلك ثبت أن جلالة الإمام البدر حي يرزق ولم يقتل. وكلكم تعلمون أن هناك اتفاقية تربط بين هذه البلاد وحكومة جلالة الإمام إمام اليمن. وفي العرف وفي القانون الدولي أنه ما دامت الدولة قائمة فحقها هو القائم، ولا يخل به أن يتمرد عليها زمرة من أبناء شعبها، فنحن بناء على هذا المبدأ واتباعاً للعرف الدولي المعروف، عضدنا الدولة الشرعية في اليمن.

          أيها الإخوان: بعد ذلك لمّا تأزمت الأمور في اليمن، عرضنا على العالم أجمع أن نتفق على أن تنسحب كل دولة بما لها من تدخل في اليمن، وتترك الأمر لأبناء اليمن يحكمون عليه بحرية، ولكن مع الأسف لم يجب على ذلك أحد بعد، أن حلّ بأبناء اليمن ما تعلمونه من انتهاك لحرماتهم، ومن إحراق لممتلكاتهم، ومن استعمال أنواع الحرق والتدمير والتخريب، كأنهم لا يؤمنون بالله وليسوا من أبناء العرب، وحتى لو كانوا على غير ديننا، ولو كانوا غير إخوان لنا لترفّعنا عن أن نستعمل معهم الموبقات، ولامتنعنا، حفظاً على أخلاقنا، أن تهدر كراماتهم، أو يستعمل معهم من الأسلحة، ومن المعاملة ومن الاعتداء ما تحرمه كل شرائع الدنيا.

          ولكن أيها الإخوان، وبكل أسف، لقد رأينا هذا يجري وعلى يد من؟.. على يد إخوان لنا في الدّين، وفي العروبة، نحن لا نعتقد أن الجندي المصري، أو الضابط المصري، أو الطيار المصري يقبل على نفسه أن يحرق إخوانه، وأن يفتك بممتلكاتهم، وبنسائهم، وبأطفالهم، وبشيوخهم، ولكن ما العمل والسيف مسلط على رقبته؟!

          أيها الإخوان: قالوا: إنهم مستعدون للانسحاب من اليمن، إذا أوقفت المملكة السعودية والأردن مساعداتهم للملكيين.

          أيها الإخوان: بماذا ساعدنا إخواننا في اليمن؟ وإذا كنا نساعد بعض إخواننا في اليمن ببعض الأغذية، أو بعض الملابس، أو بعض البنادق، أو الأشياء؛ ليحتفظوا بحياتهم فهل تعتبر هذه مساعدة؟ نحن لم نبعث الأساطيل، والطائرات، والدبابات؛ لتحرق القرى، والمساكن، والأطفال، والعجز!

          أيها الإخوان: رغماً عن ذلك عرضنا عليهم أن نتفق على مبدأ، وهو أن تنسحب كل القوات الأجنبية من اليمن. وبعد ذلك، وبعد أن نتأكد من انسحاب القوات، فنحن مستعدون أن نتفق وإياهم على أن نمنع كل مساعدة لليمانيين سواء من هؤلاء أو من هؤلاء، وأن نترك لليمنيين الحرية في تقرير مصيرهم، وبالحكم على من يحكمهم.

          أيها الإخوان: هل تقبلون على إخوانكم في اليمن أن يتركوا للجوع وللعري؟ وأن يظلوا محرومين من حق الدفاع عن أنفسهم حتى بالبندقية العادية؟ (وهنا ارتفعت صيحات الجماهير تستنكر ذلك وتقول .. لا . لا.).

<4>