إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



          أيها الأخوة الكرام: إنكم تعلمون، ولا بد، ما يقتضيه علينا ديننا الحنيف من إخلاص، وإيمان بالله سبحانه وتعالى، وقياماً بما يفرضه علينا هذا الدين الحنيف؛ فإن كل فرد منكم، وكل جماعة، وكل دولة، أو جماعة في دولة عليهم واجب قطعي بأن يحترموا هذا الدين الحنيف، وإنَّ خدمة هذا الدين الحنيف هي ليست بالاعتداء، وليست بالعنف، وليست بالتكبر أو التجبر، وإنما هي بالقول الحسن، والدعوة إلى الله على بصيرة، كما قال سبحانه وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (النحل:125) وكما قال تعالى لنبيه موسى حين بعثه لأكفر من كان على وجه الأرض اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43) فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (طه: 43، 44) هذا الدين أيها الإخوان، هو دين المحبة، هو دين الإخلاص، هو دين التآخي، هو دين التعاون، هو دين العدل، هو دين المساواة، إن أنكر ذلك منكر فهو جاحد للحق، مكابر بالباطل.

          أرجو أن لا يكون محل نظر لجميع المسلمين.

          أيها الإخوة: حينما شرّف الله سبحانه وتعالى هذه الأمة العربية بابتعاث، محمد صلوات الله وسلامه عليه، منها كان هذا أكبر شرف تناله أمة على وجه الأرض، وإننا أيها الأخوة، كعرب، يهمنا ما يهم العرب، ويسوءنا ما يسوء العرب، ونتحمل قسطاً مما يجب على العرب أن يتحملوه. وليس في ذلك فخر، وإنما هو واجب علينا، ونحن دعاة للوحدة العربية، وللتعاون العربي، وللتضامن العربي بكل إخلاص، وبكل محبة، وبكل تفان في ذلك. على أن يكون العربي للعربي لا يخذله، ولا يعتدي عليه، ولا يهضم له حقاً، وأن يكون أساس هذا الاتحاد أو الوحدة هو التعاون بين العرب، وأن ينظر العربي لأخيه العربي كما ينظر لنفسه، وأن يقدر لأخيه ما يقدر لنفسه، وأن يبذل لأخيه العربي ما يبذل لنفسه. وهذا أيها الإخوة: إذا دعونا، نحن العرب، للوحدة العربية أو للاتحاد العربي، فإن ذلك لا يتنافى مطلقاً مع الدعوة للوحدة الإسلامية، وإنما في اعتقادنا أن الدعوة للوحدة العربية، أو الاتحاد العربي يجب أن تكون كنواة لوحدة إسلامية كبرى، تكون كل الشعوب الإسلامية مرتبطة فيها، وتكون على أسس ثابتة مدروسة، يراعى فيها مصلحة كل شعب، ويراعى ظرف كل شعب، ويراعى فيها حق كل شعب.

          أيها الأخوة: هذا ما ندعو إليه، وهذا ما نتجه إليه، وهذا ما قامت عليه سياسة هذه الدولة منذ نشأتها في عهد، المغفور له، جلالة الملك عبدالعزيز. ولذلك فإننا قائمون في هذه البقاع المقدسة على حراسة الأمن، وخدمة وفود بيت الله الحرام، وبذل كل ما يمكن بذله من المشاريع والمنشآت، فيما يختص بأهل الوطن قبل، ثم فيما يختص بحقوق الوفود لبيت الله الحرام وهذا ما ترونه في هذا البلد الحرام، وفي موطن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولست في حاجة إلى أن أشير إلى شيء من ذلك، فإنكم ترون ذلك، وإننا نعدكم بكل إخلاص بأننا سنكون في خدمة هذا الدين، إلى أن يتوفانا الله مجاهدين مدافعين عن شريعة الإسلام، ومكافحين كل ما يعترض هذا الدين من عراقيل، أو من دعايات فاسدة، أو من مذاهب هدامة. لذلك فإن سياستنا صريحة واضحة، وليس فيها أي لبس، فنحن كما نمد أيدينا لإخواننا العرب في كل مكان، ونرحب بالتعاون والتعاضد والاتحاد معهم، كذلك نمد أيدينا لإخواننا المسلمين في كل قطر، للاتحاد والتعاون معهم، وليس في ذلك ما يتعارض مع المبدأ الذي سرنا عليه في طول حياتنا، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه خير دنيانا وديننا، وأن يجعل حجكم مبروراً، وسعيكم مشكوراً، وأن نكون جميعاً من المقبولين عنده.

          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


<2>