إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



كلمة الفيصل للشعب السعودي بمكة المكرمة(1)

أيها الإخوان:

          تمر على الإنسان لحظات في بعض حياته يرتج عليه بماذا يبدأ؟ وماذا يقول؟ وماذا يقف؟ وفي هذه اللحظة المباركة التي يسعدني الحظ أن التقي إخوة أحبهم وأجلهم، وأفتقدهم واستوحش لفِراقهم.

أيها الإخوان:

          لا أدري! هل هو فرحة اللقاء؟ أو استعادة الذكريات الماضية في خاطري؟! يجعلني الآن كما قدمت في حيرة بماذا أبدأ؟ ولست أقول هذا من قبيل التملق، وإنما أقوله لأن ذلك يشرفني ويعزني ويزيدني قوة وإيماناً بأنني ابن مكة.

أيها الإخوان:

          أنا أعتبر كل شبر في هذه المملكة وطني، وأعتبر كل فرد سواء كان في الشمال، أو الجنوب، أو في الغرب، أو في الشرق هو أخي وزميلي.

          ولكن إذا رجعت إلى الوراء بعض الشيء فإنني أجد لمكة شرفها وأثراً ومحلاً في نفسي، ليس فقط لأنها أشرف بقعة في العالم، وليس فقط لأنها مقدسة، وليس فقط لأن فيها أول بيت وضع للناس؛ ولكن لأنني رُبيت في مكة، وقضيت أغلب أيام حياتي في مكة، وعرفت مكة، وأهل مكة، واختلطت بهم، واختلطوا بي، واندمجنا بروح واحدة، وفي اتجاه واحد، وفي هدف واحد، وهو خدمة هذا البلد، والمحافظة على تراثه، سواء بالمحافظة على ديننا الحنيف، أو بالمحافظة على مقام هذه البلاد وتراثها من الأمجاد؛ فإن الهدف واحد والاتجاه واحد، أرجو إخواني - سكان مدينة الرياض - أن لا يأخذوا عليّ في ذلك؛ لأنها مسقط رأسي ولكنني لا أعتبر أن بين الرياض ومكة فرقاً وأنا لمّا أقول: بأنني ابن مكة، فأنا أقصد بأنني ابن الرياض، ولما أقول: ابن الرياض، فأنا أقصد بأنني ابن بريدة، ولمّا أقول: إنني ابن بريدة، فأنا أقصد بأنني ابن أبها.

          وهكذا ولكن أرجو المعذرة إذا قلت: أن الأيام التي قضيتها في مكة كانت هي زهرة حياتي، وزهرة شبابي، التي لن أنساها.


1. أم القرى العدد 1973 في يوم الجمعة 15 محرم 1383 الموافق 7 يونيه 1963

<1>